الأنعامُ الضالّة ، بين وعود الثعالب ، وضمانات الذئاب !
إنها الشعوب العربية ، وأوّلها شعب سورية ، الذي عانى - ومازال يعاني- من صنوف البلاء ، ما تعجز عن تحمّل مثله ، الجبال الرواسي !
بعضُها جِمال : وضخامة أجسادها ، لاتخرجها عن كونها جِمالاً؛ فالجمل يظلّ جملاً، بطبيعته ، التي خلقه الله فيها ، وبما غرسه فيه ، من فطرة !
وبعضُها ثيران : وقرونها لا تجعل منها ذئاباً أو نموراً ؛ لأن قرن الثور، هو للثور، ولايمكن أن يكون لغيره ! ومهما كانت قوّة القرن وصلابته ، فإنه يظلّ قرناً لثور، ويظلّ صاحبه ثوراً !
وبعضُها كِباش : وقرونها لا تحوّلها إلى أسود ، أو فهود ، فالكبش يعرف حدوده ، ويعلم مقدار قوّته ، فلا يطمح إلى أن ينازل ليثاً ، أو فهداً ! وجُلّ مايمكنه فعله ، هو منازلة كبش مثله !
وبعضُها حملان : وبراءتها لا تستدرّ عطفَ الذئاب عليها ، بل تغريها بافتراسها !
والطريف : أنّ المخلوقات المذكورة ، هنا ، كلّها ، مخلوقات بشرية ، بما فيها الوحوش : من ثعالب وذئاب ، وسواهما ! فلا وقت لدينا ، للحديث في السياسة ومآسيها ، في بلادنا ، عن غير المخلوقات البشرية ! لكنّ كونَها بشراً ، يعني أنها تملك عقولاً ، تفكّر بها ! والحديث ، هنا ، هو عن الشعوب ، لا عن أفراد منها؛ فربّما مَلكَ بعضُ الأفراد ، طبائع إنسانية راقية ، وعقولاً بشرية مُبدعة ، لكنهم يظلّون أفراداً ! وامتلاك العقول المتفاوتة ، بقوّة تفكيرها ، يعطيها حقّ الاجتهاد ، المتفاوت في خطئه وصوابه ، والمختلف في البحث ، عن سبلٍ ، لتحصيل المصالح ، المتناقضة أحياناً، والمتداخلة أحياناً ، في معترك قوى متصارعة ، متفاوتة الأحجام !
وسوم: العدد 890