المتورّطون !
الورطات كثيرة ، متنوّعة الصوَر والأشكال : منها الاجتماعي، ومنها المالي، ومنها السياسي..! وعلى سبيل المثال :
مَن عَزمَ ، على قطع نهر، سباحة ، فوصل منتصف النهر، وتعب ؛ فلا هو يستطيع المتابعة ، ولا هو قادر، على الرجوع .. يقال إنه تورّط !
مَن تورّط ، في إنشاء بناية ، فوصل في عمله إلى المنتصف ، وعجز عن الإتمام، وعجز عن التراجع ، بعد الجهد والكلفة المالية .. !
مَن تورّط بسرقة مصرف ، فأحسّ به المعنيون ، في أثناء عمله ، فصعب عليه الانسحاب ، وصعب عليه إتمام العمل ، فاضطرّ إلى ارتكاب جريمة قتل ، ليغطّي على جريمته الأساسية !
بَيد أن مايهمّنا ، هنا ، هو الورطة السياسية ، وما يتعلّق بها ! ونقف عند مايجري في سورية ، تحديداً ، لنطرح بعض الأسئلة :
هل تورّط بشار الأسد ، بدعوته الفرس ، لحمايته من شعبه ، وحين تمكّنوا من الهيمنة ، على أجزاء كبيرة ، من الدولة ، تحكّموا بأمره ؛ فلا هو يستطيع العودة ، إلى حكم الدولة ، ولا هو يستطيع إخراج الفرس المستعمرين ، بعد أن صار لهم نفوذ واسع ، وسيطرة كبيرة ، على بعض مفاصل الدولة !
وأبسط سؤال ، يمكن أن يسأل ، في هذا المجال، هو: هل يستطيع بشار الأسد، اليوم، التخلّي عن حكم سورية ، ومغادرتها إلى بريطانيا ، التي يحمل وأسرته جنسيتها ، أم يخاف ، أن يضع ضابط إيراني ، المسدّس على رأسه ، قائلاً له : لقد دعمناك ، بالمال والسلاح والرجال .. وضحّينا بالكثير من رجالنا ، في سبيل تثبيت حكمك ! أفتَحسَب هذا ، كلّه ، لسواد عينيك ، أم لأنّ لنا مصالح ، في سورية ، وفي المنطقة كلّها ، عبر سورية ، سوف ننجزها من خلالك !؟ فإذا جبنتَ ، وحاولت الهرب ، فسوف نقتلك، ونلفّك بعلم البلاد ، وننعاك إلى العالم ، بصفتك (شهيد الواجب!) ، ثمّ نولّي ، بدلاً منك ، حاكماً آخر للبلاد ، قد يكون أخاك ، أو غيره !
وقد تختلف ورطة بشار، مع الفرس عنها، مع الروس ، الذين جلبهم لحمايته، كذلك، برغم تشابه الأهداف ، لدى كلّ من الروس والإيرانيين ، في سورية ، وأهمّها الهيمنة على البلاد ، ومدّ النظر، إلى دول أخرى مجاورة ! فقد يفكّر الروس ، بالإطاحة ببشار، لكن حين تنتهي مآربهم منه ! أمّا أن يحاول الهرب ، دون إذنهم ، فيُتوقّع أن يكون موقفهم ، منه ، كموقف الإيرانيين ، في هذه الحالة ! أمّا الأمريكان ، فدخلوا سورية ، دون إذن الأسد ، برغم حرصه على السيادة ، وهذيانه بها ، ليلَ نهار!
وسوم: العدد 890