هذه حقيقة الإخوان المسلمين..

د. محمد عبدالله المطر

وقفت على إعلان لسلسلة محاضرات (دينية) في دولة خليجية بعنوان (الإخوان المسلمون صفتهم والتحذير منهم)، ولا شك أن هذه السلسلة وغيرها من ضمن أجندة (الشيطنة) التي يتم فرضها في واقعنا تزامناً مع موجات التطبيع والضياع الأخلاقي والقيمي، وعجبت من هذا الاهتمام بهذا الموضوع من خلال وضع سلسلة يقدمها عشرات من (المشايخ)!

وعند البحث حول هذا الموضوع عند أصحاب العدالة والبحث عن الحقيقة، سنجد بكل وضوح تاريخ وأدوار عظيمة لمدرسة الإخوان المسلمين في العالم الإسلامي والخليج خصوصاً، وعلى سبيل الاختصار ولو أردت الكتابة التفصيلية لفعلت..أقول:

١- قدمت مدرسة الإخوان المسلمين شخصيات شرعية عديدة في العالم الإسلامي كانت لها أدوار عظيمة في العقيدة والفقه والأصول والمقاصد وكثير من العلوم الشرعية، وقد كانت لها مؤلفات وأدبيات عديدة، ومنهم من أسهم في نشأة وتطوير كليات الشريعة ومعاهد العلم الديني وغير ذلك في العالم الإسلامي والخليج خاصة، ولا يخفى دورهم في الكويت مثلاً بنشأة الموسوعة الفقهية التي صارت رائدة ومهمة.

٢- قدمت مدرسة الإخوان المسلمين العديد من اللجان والجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي والخليج خاصة، ولا يشك منصف بدور هذه الجمعيات واللجان وريادتها الكبيرة وتصنيفاتها الرفيعة، وحصولها على جوائز محلية وعالمية بقوتها، وشفافيتها، ونجاحاتها، وكثير من اللجان هي من تأسيسهم أو تأسيس شخصيات مقربة منهم أو كانت معهم وتعلمت منهم.

٣- قدمت مدرسة الإخوان المسلمين العديد من المتخصصين في التربية وجوانب الأسرة، وصناعة الأجيال، والتدريب على المهارات الشخصية والإدارية، وأصبح كثير منهم رواد في هذا المجال في التدريب والتعليم من خلال المؤسسات الحكومية وغيرها.

٤- قدمت مدرسة الإخوان المسلمين العديد من الشخصيات والمؤسسات المتعلقة بالاقتصاد الإسلامي بل هم من أكبر رواده ومنظريه، وهذه حقيقة لا يشك فيها منصف !.

٥- قدمت مدرسة الإخوان المسلمين العديد من الأئمة والخطباء والدعاة الذين نشروا الفضيلة في المجتمع وعملوا على مقاومة الفساد الأخلاقي والوقاية من المخدرات، ومساعدة المنكوبين، وتزعموا لجان التعريف بالإسلام وغير ذلك.

٦- قدمت مدرسة الإخوان المسلمين مشاريع مهمة في نشر الوسطية الدينية بمقاومة التطرف بكل أنواعه، والحفاظ على وحدة المجتمعات، والوقوف مع أوطانهم ضد المحتل الأجنبي، وفي الكويت مثلاً ضد الاحتلال العراقي البعثي فهم كانوا من رواد المقاومة ولجان التكافل، وهذا لا يُنكر عند السلطات وكثير من وجهاء البلد، أما ما يتعلق في الثورات عند بعض الدول فهم كانوا مع أغلب مكونات مجتمعاتهم، وبالنسبة لبعض الدول فهم مارسوا العملية السياسة السلمية بالوسائل المباحة في القوانين والدساتير ويؤمنون بمؤسسات الدول وسلطاتها.

٧- قدمت مدرسة الإخوان المسلمين ريادة في قضية فلسطين ومقاومة المشروع الصهيوني بالمنطقة، بالمقاومة العسكرية، و المعنوية والمالية ، منذ نشأة القضية إلى يومنا هذا..

٨- قدمت مدرسة الإخوان المسلمين العديد من المؤلفات والمحاضرات التي قاومت الأفكار الاستشراقية والحداثية والتغريبية، بل يصعب على أي باحث في هذه المجالات تجاوز كتاباتهم وأدياتهم في هذا الموضوع حتى من أشد الخصوم.

٩- قدمت مدرسة الإخوان المسلمين العديد من رموز السياسة في البرلمان وغيره، وقد أسهموا في وضع قوانين متعلقة بالشريعة الإسلامية أو مقاومة قوانين ومقترحات لا تناسبها.

#ملاحظات:

- لا توجد أي قدسية لهذه المدرسة تبعدنا عن النقد والتقييم وبيان الأخطاء ومراجعتها عند المؤسسات والشخصيات، فهذه أعمال بشرية، وقد ركز المؤسس الإمام حسن البنا كثيراً في رسائله على عدم العصمة لأي عمل وأشخاص، ومنها في الأصول العشرين.

- لا ننكر وجود الأخطاء القولية أو العملية التي حصلت من مؤسسات وشخصيات خالفت المبادئ في قليل أو كثير ، فالحق عدم التجاوز في نقد الباطل عند الجميع، وهذا هو منهج الإسلام.

- أن طبيعة العمل الحركي تؤدي إلى وقوع الأخطاء من باب الغفلة عن الصواب أو الاجتهاد الخاطئ، وقد قال الشيخ د.جاسم مهلهل الياسين في كتابه (للدعاة فقط) قاعدة وهي (أن الدعاة كونهم يتحركون فلا بد من أن يحصل منهم الخطأ..)

- لا نحتكر هذه الفضائل والإنجازات لهذه المدرسة فهناك من شارك وأسهم في هذه الأعمال ومثلها من خارجها وربما بعض خصومها، (فلا حصرية لأحد في الخير).

- من السلوكيات المقدرة عند كبار أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية بيان الخير والصواب حتى عند الخصوم وبعض المخالفين، وهذا ما فعله مع بعض الأعلام والفرق.

هذه بعض التعليقات السريعة على هذه الندوات والأعمال المشبوهة في توقيتها، وعدم موضوعيتها، ولا شك بأن هذه الأعمال تخضع لبعض السياسات التي خالفت السابق وربما تخالف المستقبل، فالحقائق لا تخضع لتغيرات السياسة ..

والله المستعان؛