الشُرطيّ : كان رمزاً لسلطة الدولة على شعبها .. فصار رمزاً لإذلال شعبه !
في القديم : كانت الشرطة مخصّصة ، لحماية الأمن الداخلي؛ أيْ: لحماية المواطنين، بعضِهم من بعض : لحماية أنفسهم من العدوان .. ولحماية ممتلكاتهم من السرقة .. ولفضّ النزاعات التي تنشأ بينهم .. ولملاحقة المجرمين والجناة وقطّاع الطرق ..! وكان رئيس جهاز الشرطة ، يسمّى: صاحب الشرطة! وهو تابع للوالي ، ومسؤول، أمامه ، عن كلّ تقصير، أو تهاون ، في أداء مهمّاته !
في الحديث : صار جهاز الشرطة ، تابعاً لوزارة مستقلّة ، اسمها : وزارة الداخلية ! ولها مؤسّساتها الخاصّة ، ولها تَراتُبية معيّنة ، وأعلى مسؤول فيها ، يرتبط بوزير الداخلية ، وهو يحاسب مَن دونَه ، ومَن دونَه في الرتبة والمسؤولية ، يحاسِب مَن دونَه .. وهكذا !
ثمّ اتّسع جهاز الشرطة ، وتفرّع إلى فروع عدّة ، من أهمّها :
شرطة السير: ولها تَراتُبية خاصّة ، وهي مسؤولية عن السير، ومايجري فيه ، من جرائم وأحداث ومخالفات .. ورئيسها تابع لوزير الداخلية !
شرطة الأمن الداخلي : ويقوم فرع منها بالمهمّات ، التي كانت تقوم بها الشرطة القديمة .. ولها تراتبية خاصّة ، وهي تابعة لوزارة الداخلية !
ثمّ اتّسعت شرطة الأمن الداخلي ، باتّساع حاجات الدولة ، أو، بالأصحّ ؛ باتّساع حاجات الحاكم ، الذي يرأس الدولة! فصار منها أجهزة عدّة، تؤدّي مهمّات متنوّعة، منها :
جهاز مباحث أمن الدولة : ويكلّف بمهمّات متنوّعة ، منها الجنائي ، ومنها السياسي.. وهو يتبع وزارة الداخلية ، بحسب الأصل !
ونشأت أجهزة الاستخبارات ، وهي متعدّدة المهمّات ، ومنها :
جهاز المخابرات الخارجية : وهو مسؤول ، عن متابعة الشؤون الخارجية ، المتعلقة بأمن الدولة ، مثل : التجسّس الخارجي .. مكافحة الجواسيس ، الذين توظفهم الدول الأخرى ، للعمل داخل الدولة ..!
جهاز مخابرات أمن الدولة : وهو جهاز توظفه الحكومات لملاحقة المجرمين ، الذين يعبثون بأمن الدولة !
واتّسعت أجهزة أمن الدولة ، وتنوّعت مهمّاتها ، في بعض الدول ، التي تحكمها أنظمة حكم مستبدّة ، فصار منها :
جهاز المخابرات العسكرية: وهو مختصّ ، في دول الاستبداد، بمتابعة أمور الجيش، ومَن فيه ، من عناصر غير موالية للحكم القائم ! وفصل العناصر المناوئة للحكم ، والتنكيل بها ، أحياناً !
جهازمخابرات الطيران ، أو القوى الجوّية : ومهمّته متابعة العناصر المعارضة، والعناصر غير الموالية للحكم القائم ، ضمن القوى الجوّية !
وأجهزة أخرى : كثيرة ، متنوّعة الأسماء والمهمّات ، وأكثرها مسخّر لخدمة الحكم القائم ! ومن الجدير بالذكر، أن هذه الأجهزة المخابراتية ، لايُكتفى منها بالتجسّس على المواطنين ؛ بل يتجسّس بعضها على بعض ، وتتسابق فيما بينها ، على إظهار الولاء ، للحاكم المستبدّ ، لتنال ثقته ، وتكسب عنده الحظوة ، المكافئة لخدماتها !
ولقد صارت هذه الأجهزة ، بمجموعها ، رمزاً لإذلال المواطنين ، في أوطانهم ؛ لأن الحاكم ، إنّما يحكم بلاده بها ، ويسيطر على شعبه بها ، ويحصي أنفاس المواطنين بها ..! فالمواطن : هو العدوّ الأوّل للحاكم ؛ سواء أكان عدوّاً حقيقياً ، أم مفترَضاً ! ومادام عدوّاً للحاكم ، فهو – بالضرورة - عدوّ لأجهزة المخابرات ، جميعاً ، وعدوّ لكل من له صلة بأمن الدولة ، ويجب أن تنظر إليه ، الأجهزة كلّها ، على أنه كذلك ؛ لأن عداءه للحاكم ، يجعله عدوّاً للوطن ؛ فالوطن هو الحاكم ، عند هؤلاء ، والحاكم هو الوطن !
وسوم: العدد 898