مبدعون فرنسيون يردون على الدهماء ورئيسهم ماكرون (1) المفكر الفرنسي الحر فولتير
لم يكن فولتير ملحدا ... وكان فولتير معجبا بالإسلام وبنبي المسلمين!!
وكثيرا ما يتوارث الناس الجهل فيتداولونه حتى يبدو الباطل حقيقة .. ويعلم جهلةٌ جهلةً جهلا ، ويحسبون أنهم يعلمون " فولتير "
وأكثر ما شُهر عن فولتير المفكر الفرنسي الكبير أنه كان ملحدا ..!!
ويكتفون بالرواية عنه : أن ثعبان عض كاردينالا من رجال الكنيسة فمات الثعبان لوقته ، لحجم السُّم يجري في دم الكاردينال ..!!
ولقد كان فولتير في الحقيقة عدوا لكهنوت الكنسية ، وحُق له ولكل العقلاء . وطبقة الكهنوت ، في كل دين ، هي طبقة التيوس فيه . دائما متوفزة للنطاح . يقول عنهم علماء الإسلام : " أشد تنازعا من التيوس في زربها " مقتبس ومنقول . نتذكر بطارقة هرقل عند هرقل ، يوم حاول دعوتهم إلى الإسلام كيف نخروا ... وما زالوا ينخرون !!
كان فولتير عدوا للكهنة ، وصدر بحقه أكثر من حُرُم صغير وكبير . والحرم عقوبة كنيسة من مفاهيمها وضع الرجل على اللائحة السوداء " البلاك ليست " فلا يقبل منه ولا يروى عنه ولا يتواصل معه وتشيع له جنازة ..
وكان فولتير عدوا شرسا للاستبدادَين الكنسي والملكي ، فصدرت بحقه أحكام التهجير والتكفير واستحضر إذا شئت قول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى حجة الإسلام .." واستحقر من لا يحسد ولا يُقذف ، واستصغر مَن بالكفر والضلال لا يعرف ..."
فولتير : فرانسوا ماري أروت ، 1694 – 1788 فهو ابن عصر الأنوار ، فمتى تشع قناديل الأنوار في مجتمعاتنا العربية !!
كان فولتير فيلسوفا ، مفكرا شاعرا أديبا ..وقبل كل ذلك كان ثائرا ، وهذا هو الأهم في شخصيته . وأجمل الثورة أن يثور الإنسان على أسماله وليس فقط على أسمال الآخرين ، كما يفعل الأدعياء في كل المجتمعات المبتلاة بأسمالها ...
للمفكر الفرنسي فولتير نحو من 2000 أثر فلسفي فكري وأدبي ..وأشهر ما يشار به إليه من مؤلفاته " المعجم الفلسفي " الذي ألفه 1764
وأجمل ما يشار به إلى فولتير ويشار به إلى كل العلماء والمفكرين أنه كان شخصية " متطورة " كلما ازداد علما ازداد بصيرة وفهما وازدادت نظرته اتساعا وأفقه في تصور الحياة والكون والإنسان ارتفاعا .
أشاع الملاحدة من عصر فولتير إلى اليوم أنه كان رأسا في مدرسة الملحدين ..واستندوا إلى موقفه من الكهنة وموقف الكهنة منه . كان فولتير يحب النطاح ومولعا به ، وكذا خصومه كانوا تيوسا مولعين بالنطاح ..." وأوهى قرنه الوعل "
فولتير المؤمن. جاءه يوما شاب فرنسي يتزلف إليه : سيدي ..سيدي أنا الآن على يقين أنه ليس هناك إله ..يجيبه فولتير ببرود مصطنع : عفوا يا عزيزي إنما أنا أشكُّ !!
ويقول فولتير : إذا كان الله غير موجودا – كما يزعمون – فمن الضروري أن نخترع إلها ...صياغة أخرى لعنوان " واجب الوجود " الذي لا يصح وجود إلا بالاعتراف بوجوده .
يقول فولتير في الرد على الحسيين الذين لا يؤمنون إلا بما يعاينون :
" هل الإيمان أن نؤمن بما نراه أمام أعيننا فقط ؟؟؟ ويجيب : لا ، فمن الواضح أنه من الضروري أن نؤمن بوجود سرمدي متسام خبير وحكيم.
وكان فولتير في حياته العملية يحب أن يشارك في النسك الدينية ، على النحو الذي يؤمن ويقتنع ..ولا شيء في حياته يذهب إلى حشره في صفوف الملحدين ..
فولتير والإسلام ونبي المسلمين ..
قلنا في مطلع هذا المقال أن شخصية فولتير شخصية متطورة ولذا سنجد في حياته محطات مختلفة من موقفه من الإسلام ..وهذا الذي يجب التوقف عنده أمام كل النقول التي تنسب إليه.
ففي 1742 ، وفولتير ما يزال دون الخمسين يكتب فولتير مسرحية ، عنوانها : " محمد .. أو التعصب .."
كان فولتير يومها يتكلم بلسان ماكرون اليوم ، ويجعل التخفي وراء الهجوم على الإسلام والرسول الكريم جسرا للوصول إلى غايته في الهجوم على " كهنة " الكاثوليك ؛ فيحمل الشخصية النبوية الكريمة كل آثام الكهنة والكنيسة الكاثوليكية على السواء ..
لا يستطيع أي عاقل أن يحسب تلك المسرحية على الموقف الموضوعي لفولتير من الإسلام . لم تكن المسرحية إلا جواز عبور ، ليردح الممثلون بالنيل من الكهنة على خشبات المسرح في باريس ودون أن تطالهم لوائح التجريم ..
مع الأسف لا يزال بعض الذين يصفون أنفسهم بالعقلانيين العرب يتناقلون ما قاله فولتير في هذه المسرحية على أنه يمثل رأيه في الإسلام. الكهنة الكاثوليك كانوا أكثر ذكاء من هؤلاء حين انتبهوا إلى مغزى المسرحية .. فأصدوا حُرما بحق المسرحية ، فمنعوها وصادروها ومنعوا تمثيلها، بعد عام واحد من صدورها ..
في القرن الثامن عشر لم يكن العالم القريةَ الصغيرة التي نتحدث عنها اليوم . وفولتير الذي تربى في محاضن الكنيسة الكاثوليكية والمجتمع الفرنسي الذي لم يستطع أن يتحرر تماما من نداءات البابوات ولا من بكائيات بطرس الناسك " عن المسلمين الذين يبولون على قبر المسيح " إلا أن فولتير استطاع أن يشق هذه الطبقة الكتيمة من الحجب فيكتب عام منذ العام 1751 حتى نهاية حياته ما يعيد فيه بعض الحق لأهله . في 1751 كتب فولتير كتابه " أخلاق الأمم وروحها " تحدث فيه عن الإسلام برؤية مختلفة واستمر على ذلك في كل ما كتب بعد ..
يتحدث فولتير عن الإسلام ويوازن بينه وبين المسيحية السائدة في عصره ، فيثقل كفة الإسلام . ويقول عن رسول الإسلام : إن دينه حكيم وصارم وطاهر وإنساني ؛ حكيم لأنه لا يسقط في خرافات الشرك بالله ، ولأنه واضح ليس فيه طلاسم . وهو صارم لأنه يحرم القمار والخمر ويأمر بخمس صلوات في اليوم . وهو طاهر لأنه يحدد عدد الزوجات بأربع . وهو إنساني لأنه يأمر بالصدقة أكثر من الحج . ويضيف سمة أخرى فيقول : وأضيف عن الإسلام أنه دين متسامح ..
ويذكر فولتير الإسلام في موطن آخر فيقول :
مشيدا بشعيرة الزكاة وبتحريم القمار فيقول : كل هذه الشرائع الحازمة والعقيدة البسيطة جلبت للإسلام الاحترام والثقة . ولاسيما عقيدة التوحيد ، التي ليس فيه طلاسم بل هي مناسبة للعقل الإنساني ( يلمز هنا من طلاسم الأقانيم والثلاثة في الواحد ) ؛ كل هذا جعل عددا كبيرا من الأمم تعتنق هذا الدين من سواد أفريقيا إلى جزر المحيط الهندي .
ونستطيع أن نطالع خلاصة رأي فولتير في الإسلام ونبيه العظيم في عمدة مؤلفاته " المعجم الفاسفي " الذي ألفه 1764 وكتب فيه ..
يقول يخاطب قومه من أمثال ماكرون وشيعته في كل مكان :
أقولها لكم مرة أخرى أيها الجهلة الحمقى الذين أقنعهم جهلة آخرون أن الدين المحمدي شهواني أن هذا ليس صحيحا ..
لقد خدعوكم في هذه المسألة كما في مسائل متعددة أخرى أيها القساوسة والأحبار ..
لو فُرض عليكم أن تمتنعوا عن الطعام والشراب من الرابعة صباحا حتى العاشرة مساء ، في شهر تموز ، عندما يصادف الصيامُ هذا الشهرَ ...
لو مُنع عنكم القمار بكل أنواعه ...
لو حُرمت عليكم الخمر ..
ولو كُتب عليكم الحج في الصحراء المحرقة ..
ولو أمرتم بإخراج اثنين ونصف من أموالكم للفقراء
ولو اقتصرتم على أربع زوجات فقط ؛ أنتم الذين ألفتم التمتع بثماني عشرة امرأة ....
هل يمكن أن تقولوا عن هذا الدين إنه شهواني ؟!!!
ويقول زهير : ولو علمتم من أمر هذا الدين .. وعلمتم ... وعلمتم .. هل تستطيعون أن تقولوا عن الإسلام إنه دين إرهابي ؟؟؟؟
( آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ )
وسوم: العدد 900