لا تحسبوه شراً لكم

تلقى المسلمون الصادقون في العالم العربي والإسلامي بكل ألم وحزن وغضب وأسى فتوى ما يسمى " كبار العلماء في السعودية " بأن جماعة الإخوان " جماعة إرهابية ".

وجماعة الإخوان المسلمين التي نشأت عام 1928 بعد هدم الخلافة الإسلامية على يد دول الكفر والإجرام ، فولدت هذه الجماعة من رحم المعاناة الإسلامية ، وعلى يد الإمام المؤسس الشهيد حسن البنا رحمه الله ، ومرجعيتها الكتاب والسنة ، وعملت بكل قوة واقتدار للدفاع عن المسلمين ، وقضاياهم في العالم ، وعلى رأس هذه القضايا قضية المسلمين الأولى قضية اغتصاب فلسطين من العصابات الصهيونية ، وضمن مؤامرة عالمية ، هذه الأرض المقدسة المباركة ، والتي تحتضن أولى القبلتين وثالث مسجد تشد له الرحال ، فجند الإخوان الكتائب بقيادة علمائهم وقادتهم من الصف الأول من كل الأقطار ، للدفاع عن المسلمين والمقدسات ، واستشهد في هذه المعارك خيرة ابناء هذه الدعوة المباركة ، ونتيجة لمواقفهم الجهادية الجريئة والشجاعة تآمرت عليهم كل قوى الشر والكفر والعدوان.

وجماعة الإخوان تُعتبر أكبر تنظيم إسلامي في العالم ، ولها من الأتباع والأنصار والمؤيدين في كل دولة في العالم ، وفي اقطارها الأربع ، ويشهد لهذه الجماعة كل مخلص صادق من علماء الأرض ، ومنهم المودودي ، وأبو الحسن الندوي ...، وكبار علماء السعودية مثل ابن باز ، وابن عثيمين ، وابن جبرين ، وسفر الحوالي ، وسلمان العوده ... بأن جماعة الإخوان المسلمين ، صاحبة فكر سليم ناصع ، ومنهج معتدل قويم ، وسلوك سوي نظيف ، وعمل مخلص صادق ، وجهاد في الله ولله ، وأنهم يدعون إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ، وكان لعلماء الجماعة الدور الكبير في نشر الإسلام على أصوله الصحيحة من كتاب وسنة في ربوع المعمورة كلها ، وتتلمذ على أيديهم وفكرهم ملايين المسلمين ، وكثير من علماء السعودية.

وكان لهذه الجماعة السبق في نشر الصحوة الإسلامية ونهضتها بعدما غزت الأمة الأفكار الملحدة والكافرة ، وكان علماء دعوة الإخوان هم الحصن الذي حمى المسلمين من هذه الأفكار المسمومة الهدامة والباطلة ، وهم الآن يقومون بواجب الدفاع المقدس عن الأرض المقدسة ، ويقفون في الخندق الأول في وجه الصهاينة المحتلين ومؤامراتهم ، ومن هنا فإن من يستهدفهم  ويعاديهم فإنه يضع نفسه في خندق أعداء الامة من يهود صهاينة وأعوانهم وحلفائهم وأنصارهم.

ولقد جاء بيان أو فتوى ما يسمى " كبار علماء السعودية " من منطلق سياسي تبعي فيه مداهنة لولاة الأمر ، وليس من منطلق شرعي ، ولم يقدموا أي دليل شرعي أو علمي أو  واقعي أو عملي على صحة ما يقولون أو يدّعون زوراً وبهتاناً وإفكاً وظلماً.

وقد استهجن واستنكر هذه الفتوى معظم علماء العالم العربي والإسلامي ، وأصدروا بيانات ترد على هذا البهتان والإفك والأباطيل الظالمة والمزورة.

وكان أهمّ ما استندت عليه الفتوى أن الإخوان يُريدون الوصول إلى الحكم ، وقادوا الربيع العربي الثائر على الظلم والجور وتعطيل شرع الله ، وكأن الحكام في العالم العربي والإسلامي يحكّمون الكتاب والسنة ، ويطبقون شرع الله ، ويوالون الله ورسوله والمسلمين ، ولكنهم خافوا على عروشهم وكروشهم وربيبتهم كيان المسخ الصهيوني ، والإخوان لا يُخفون سعيهم بكل ما اوتوا من قوة الدعوة لتحكيم شرع الله ، وإعادة الحكم بما أنزل الله بعدما أقصاه هؤلاء الحكام عن منصة الحكم ، وهم ليسوا طلاب حكم طمعاً في كرسي أو مصلحة بل هم طلاب اصلاح وتغيير ، فمن يُحكّم شرع الله فهم أنصاره وجنده خدمة لدين الله ، وإلا فإنهم أعداء من يُعادي الله ورسوله وشرعه ، وسيبقون يسعون لتحكيم أمر الله مهما كلفهم ذلك من ثمن باهض ، ويقدمون في ذلك الغالي والرخيص نصرة لدين الله ، وقد قدموا فعلاً في سبيل الله خيرة علمائهم وقادتهم شهداء ارضاء لله وحده .

لذلك فإن جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة اصلاحية تغييرية لنشر الخير والسلام والعدل ، وهم حرب على كل من يُرهب المسلمين ويستهدف دينهم وأمنهم ومعاشهم ومصالحهم من أعداء هذه الأمة الخيّرة .

وعليه فإن هذه الفتوى جاءت خارج نطاق الشرع السليم ، والنص الحكيم ، والسياق السليم ، وأدت إلى خلق فتنة في صفوف المسلمين ، وأضعفت وحدتهم وقوتهم ، في مقابل الهجمة الشرسة ، والحرب الضروس من أعداء الأمة الذين يتآمرون عليها ويحاربونها صباحاً ومساءً.

ونحن نُطمئن اخواننا وأحباءنا وأنصارنا وكل مسلم بقول المولى سبحانه " .. لا تحسبوه شراً لكم بل هو خيرٌ لكم لكل امريء منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كِبره منهم له عذابٌ عظيم" 11 النور.

فكل المخلصين والشرفاء والاحرار في العالم يعرفون منطلقات وأسباب ودوافع هذه الفتوى التي تقف في صف الباطل وخندقه في مواجهة صف الحق وخندقه بل إن هذه الفتوى زادت الجماعة قوة وصلابة وتمسكاً بمبادئها وثوابتها الحقة ، وزادت جمهور المتعاطفين والمناصرين لها لأنهم تيقنوا من صحة مسار هذه الجماعة ، وتيقنوا ان هذه الفتوى تأتي ضمن الحملة الشعواء الظالمة في الحرب على الإسلام ، وأن هذه الحرب نهايتها هو الفشل الذريع والإنهزام المحقق لأن الله وعد بنصرة دينه وجنده مصداقاً لقوله تعالى " .. وكان حقاً علينا نصر المؤمنين " 47 الروم ، وقوله تعالى " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " 51 غافر ، وهذه الفتوى نشرت فكر الجماعة في كل محفل ، وفي كل وسيلة إعلام ليتعرف العالم على نصاعة هذا الفكر السليم الصحيح ، وصدق من قال:

وإذا أراد الله نشر فضيلة ــ  طويت أتاح لها لسان حسود

ولولا اشتعال النار فيما جاورت ــ  ما كان يُعرف طيب عرف العود

وفي الختام فإننا نهيب لمن صدّر هذه الفتوى أن يرجعوا إلى رُشدهم ، ويتوبوا إلى الله بالتزام قول كلمة الحق ، ويتخلصوا من هذه الفتاوي الشرعية من منطلق سياسي هدّام ، ويبتعدوا عن هذه الذيلية والتبعية المقيته التي مسختهم وشوهت صورتهم ، ونقول لهم الفيصل بيننا وبينكم كتاب الله وسنة رسوله ، وعند الله تجتمع الخصوم في محكمة العدل الإلهية ولات حين مندم ، والله وحده الهادي إلى سواء السبيل.

وسوم: العدد 904