تطوّراتٌ يشهدها الملفّ السوريّ أواخر عهد ترامب
في غمرة التكهنات التي راجت مؤخرًا عن نية تركيا الانسحاب من مناطق شاسعة من إدلب، شمال الـ m4 وصولاً إلى بلدة حزانو (20كم عن الحدود التركية)، وعودة النظام إلى معبر باب الهوى، ضمن صفقة أبرمت مع روسيا في قره باغ، مهّدت لعودة ثلاث مناطق كبرى إلى أذربيجان، تأتي إزالة الحزب التركستاني الذي يتخذ من مناطق جسر الشغور ملاذًا له، وله معاقل قوية في مناطق الكبينة الساحلية في جبال الركمان.
يأتي تصريح مستشار حزب العدالة والتنمية، الدكتور ياسين أقطاي، يوم الاثنين: 23/ 11- الجاري، عن طريقة تعامل الدولة التركية مع الملف السوري، في لقاء مصور بثه تلفزيون سورية، نفى فيه جملة هذه التسريبات، وأكَّد على أن بلاده لم تتنازل ولن تتنازل عن إدلب، التي أصبحت ملجأً للسوريين الذين نزحوا من ظلم روسيا ونظام الأسد والحشد الشعبي.
وهو ما أكَّدته مصادر عسكرية مقرّبة من الجانب التركي، وتتحرّك معه في مناطق وجود قواته، وفي مناطق المراقبة التي تمّ تعزيزها مؤخرًا في جبل الزاوية، بما يزيل أيّة هواجس لدى الحواضن الشعبية هناك.
لينتقل الحديث مجددًا إلى المقايضة المرتقبة بين الجانبين الروسي والتركي، التي تنسحب تركيا بموجبها من نقاط المراقبة التي أصبحت محاصرة، ب سيطرة النظام على مناطق كانت تبسط فيها الفصائل سيطرتها، على أن تقوم روسيا بتسليم منطقة منبج وتل رفعت إلى تركيا، لتكون بديلاً عن مخيمات النزوح المنتشرة على طول حدودها الجنوبية مع محافظة حلب.
وهو الأمر الذي كانت تركيا قد طالبت به روسيا قبل عدة أشهر، في إحدى جولات المفاوضات بينهما، في: 15/ 9- الفائت، وقد تلكأت روسيا في حينها، بدعوى عدم استجابة تركيا لمطالبها بتفكيك تلك النقاط، بحسب وكالة سبوتنيك الروسية.
وهنا يعود الحديث مجددًا عن مدى استجابة روسيا لهذا المطلب التركي، ولاسيّما في ظلّ حديث راج عن بعض التسهيلات التي أقدمت عليها تركيا في مفاوضات قره باغ، التي أعادت الملف إلى الطاولة الروسية، وحملت طرفي النزاع على القبول برؤيتها في إيجاد تسوية تحفظ لها مصالحها في مناطق نفوذها الجنوبية.
ليأتي بعد ذلك الأمر الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، في آخر (60 يومًا) المتبقية لإدارة الرئيس ترامب في البيت الأبيض، وأعادت فيه الولايات المتحدة الأمريكية مساء يوم الثلاثاء: 24/ 11- الجاري، التذكير بالمكافأة التي أعلنت عنها في وقت سابق، لمن يدلي بمعلومات عن زعيم هيئة تحرير الشام "أبو محمد الجولاني".
ونشر بموجبه برنامج "مكافآت من أجل العدالة"، التابع لوزارة الخارجية تغريدة عبر حسابه في تويتر، جاء فيها: "إنّ الجولاني يتظاهر بالاهتمام بسورية، لكن لناس لم ينسوا جرائم تنظيمه جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) بحقهم".
وذلك في مسعى من إدارة ترامب لتعقيد المشهد أمام إدارة الرئيس المنتخب، جوبايدن، في العشرين من شهر يناير: 2021، ولإعطاء الضوء الأخضر أمام التصعيد الروسي، الذي بدأت بعض ملامحه تظهر في الأيام الأخير في قصف طيرانها مناطق جبل الزاوية، ولإيصال رسالة إلى تركيا بأن الرسائل الودية منها تجاه إدارة بايدن، غير مرضية للرئيس ترامب، ولم تكن تتوقّع من الرئيس أردوغان أن يقوم بهذه الاستدارة نحوه بهذه السرعة.
إنّ الإعلان عن هذه المكافأة لا قيمة لها، ولا تغيّر كثيرًا من أسلوب تعاطي إدارة ترامب، وحتى بايدن في الملف السوريّ، ماعدا ما تتندّر به الحواضن الشعبية، من أن الغرض من ذلك لا يعدو التنغيص على الشيخ الجولانيّ، بعد حملة العلاقات العامة التي قام بها، لتحسين صورته أمام الغرب، ونتج عنها على حدّ زعمهم التخلّص من خصومه في تنظيم الدولة وحرّاس الدين، والتنظيمات الأخرى التي تتموضع في مناطق نفوذ الهيئة في شمال غرب سورية.
و أخيرًا تأتي استضافة العاصمة المصرية (القاهرة) في: 26/ 11- الجاري، اجتماعًا رباعيًا جمع مسؤولين في وزارات خارجية كل من مصر، السعودية، الإمارات، والأردن؛ لمناقشة الملف السوريّ، بعدما تأكّد فوز بايدن في الانتخابات الأمريكية، وموافقة الرئيس ترامب على التعاون مع فريقه لنقل السلطة، وتسليمه جملة الملفات التي بحوزته، ومن بينها الملف السوريّ، الذي من المؤكّد أنّ لبايدن مقاربة أخرى في التعامل معه، يتوقّع أن توسّع من هامش التعاطي الثلاثي: روسيا- تركيا- إيران، فيه، ولاسيما بعد عودة بعض أقطاب إدارة أوباما إلى المشهد في أمريكا، ومن بينها لوبي الضغط الإيراني ممثلاً بجون كيري، الذي سيعهد إليه بملف المناخ.
وسوم: العدد 905