حكم.. للتاريخ
مر النطق بحكم المحكمة الدولية (11/12/2020)على المُدان، الحي، الوحيد، بكفاية الأدلة، باغتيال رفيق الحريري، مروراً لا يكاد يذكر، بما في ذلك الموقف "الرتيب" من آل الحريري.
في الواقع؛ لا يملك سعد الحريري أكثر من المطالبة بتوقيف من أدانته المحكمة بقتل والده. وعندما يصبح رئيسا للحكومة – إذا قُدِّر له بعد مخاض طويل- فسيفقد حتى إمكانية المطالبة، لأنه إذاك لا يطالب إلا نفسه.
يدرك الحريري أن سليم عياش لم يصحُ ذات يوم ويقرر قتل الحريري، وأنه ليس من خطط ونفذ وحده، وأنه ليس من اشترى الشاحنة وملأها متفجرات، وأنه ليس من وزع الهواتف وراقب الحريري، وأنه ليس من خطف أبو عدس وقتله ثم سلّم شريط الاعتراف المزيف لـ "الجزيرة"، بعدما استقدم انتحاريا آخر لتنفيذ الهجوم.. يدرك كل صاحب عقل أن الجهة التي يتبع إليها هذا العياش هي من قتل الحريري فعلياً، لكن الحريري –وغير الحريري- مع ذلك مضطر للتعامل مع هذه الجهة إذا ما قرر أن يكون رئيسا للحكومة، أو لاعباً سياسياً في هذا اللبنان العجيب.
ومع أن الجناة ومن يؤيدهم يعتبرون حكم المحكمة لغوا، بعدما اعتبروها "كأن لم تكن"، وهم مطمئنون أن عياش سيكمل حياته "قديساً" في كنف من رفعه إلى هذه المنزلة، إلا أن ذلك كله – وهو صحيح-، لا يلغي أهمية إدانة قيادي في "حزب الله" بـ "درجة عالية من اليقين"، وبإجماع قضاة المحكمة، بجريمة اغتيال الحريري وجرائم الاغتيال الأخرى التي جرت في السياق نفسه، والحكم على عياش بخمس مؤبدات.
الأهمية تكمن في الإدانة الأبدية التي لحقت الحزب في هذه الجريمة، لأن عياش ليس إلا الحبل السري الذي يربط الجهات الآمرة بالجهة المنفذة.. وتالياً؛ فإن الإدانة المعنوية بحق حزب، أكبر بكثير من العقوبة الفعلية بحق فرد.
سيلوذ "حزب الله" بالصمت إزاء حكم المحكمة، وقد يرفع شعار؛ "مسيسة"، لكن حكمها سيبقى إدانة أبدية تلاحقه بجريمة الاغتيال السياسي في لبنان، تماما كما حكم الضمائر الحية عليه بجريمة الإبادة الجماعية في سوريا.. فيما العدالة الإلهية ستواصل انتقامها من الجناة .. الذين يواصل الحزب تأبينهم، باعتبارهم "شهداء".
وسوم: العدد 907