تصحيف غير مقصود .. أم له دلالات شتّى ؟
عَريفٌ في الجُحَيش :
تطوّع في الجيش ، في إحدى الدول العربية ، وكان أمّيا جاهلاً ، وقد تعلم في الكُتّاب ، كيف يقرأ بصعوبة ، وكيف يكتب بعض الكلمات ، دون معرفة بقواعد اللغة !
وقد كتب لأبيه رسالة ، يخبره فيها ، أنه ترقّى من رتبة جندي أوّل ، إلى رتبة عريف في الجيش ! فكتب كلمة الجيش ، بالمستوى الذي أهّلته إمكاناته لتعلمه ، في الكُتاب : الجُحَيش!
ما الجُحَيش ؟
الجُحَيش : تصغير جحش ، والجحش هو ولد الأتان ( الحمارة ) ، وحين يكبر قليلاً ، يصلح لأن يمتطيه إنسان خفيف الوزن ، سواء أكان طفلاً ، أم رجلاً نحيلاً ! وقد ورد اسمه في الشعر العربي ، كثيراً !
قال الحطيئة ، في إحدى قصائده :
فخَرّتْ نَحوصٌ ذاتُ جَحشٍ سَمينةٌ قد اكتنزتْ لحماً ، وقد طبّقتْ شَحما !
وقد ورد اسم الحجش مجموعاً ، فقد قال أحد الشعراء :
ومَن رَبط الجِحاشَ ، فإنّ فينا قناً سُلباً ، وأفراساً حِسانا !
وقال شاعر آخر: أتاني أنّهم مَزِقون عِرضي جِحاشُ الكَرمَلينَ لها فَديدُ !
والحديث يطول ، حول هذا الأمر، وما يهمّنا ، هنا ، هو الجيش ، الذي تطوّع فيه العريف، فجعله ، في رسالته ، جُحَيشاً ! فتنساءل : هل صار الجيش العربي ، في دولة ما ، أو عدة دول .. هل صار جُحَيشاً ، يمتطيه كلّ ضابط مغامر، خفيف الوزن ، سياسياً .. ليقوم على ظهره بانقلاب ، يطيح فيه بالسلطة المدنية الحاكمة ، ويَحلّ محلها ، بحكم عسكري غاشم ، شديد القسوة والوطأة على الناس .. يعتقل مَن يشاء منهم ، دون حسيب أو رقيب .. وينهب من أموالهم مايشاء .. ويوظف نفسَه ومقدّرات بلاده ، لخدمة أعداء البلاد ، كما يريد هؤلاء الأعداء !؟
وإذا كان التصحيف ، الوارد في كلمة الجيش ، غير مقصود ، بل هو نتيجة جهل ، من عريف جاهل .. فهل الجهل صفة عامّة ، في الجيوش ، التي يمتطيها العسكر المغامرون؟ وهل تنسحب كلمة الجهل ، على الجميع ؛ كلّ بما يناسب موقعه ، ورتبته العسكرية ؟
وسوم: العدد 907