التفكير قبل التدبير!
نماذج :
يقطعون ثمّ يَعدّون : تروى قصّة هي أقرب إلى الطرفة ، منها إلى الواقع ! وملخّصها : أن شخصاً هرب من الشرطة في بلاده ، واختبأ عند أحد أصدقائه ، فسأله الصديق : لمَ هربت من الشرطة ؟ فقال : لأنهم يقطعون أذناً ، لمن له ثلاثة آذان !
فقال له صديقه : ولكنك لا تملك سوى أذنين ، فلمَ تخاف منهم ؟
فقال : هذا صحيح ، ولكن المشكلة عندهم ، لا عندي !
فقال صديقه : كيف ؟
فقال الرجل ، بتوجّس وريبة : إن هؤلاء يقطعون الأذن ، قبل أن يَعدّوا الآذان ؛ أيْ أنهم يقطعون ، ثمّ يَعدّون ، وأنا أخاف أن يقطعوا إحدى أذنيّ ؟
فكّر أحدهم ببناء دار جديدة ، بدلاً من داره القديمة ، التي يسكنها ، فبدأ بهدم الدار! وكانت زوجته تعلم ، أن فيه حماقة ، وتصلباً في الرأي ، ويتّخذ قراراته ، دون التفكير بنتائجها ! فسألته زوجه : أين الدار التي سنقيم فيها ، بعد أن تهدم دارنا ؟ فانتبه إلى أنه لن يبقى له مسكن يقيم فيه ، بعد هدم داره ، وأنه سيقيم في العراء ، مع أسرته ! ونظر فيما صنع ، فوجد نفسه قد هدم قسماً كبيراً من الدار، ولم تعد صالحة للإقامة فيها ، وأن الدار التي يحلم ببنائها ، في مكان الدار القديمة ، لن تبنى قبل هدم تلك ، فندم على مافعل ، حين لم يعد ينفعه الندم !
المفهوم المغلوط للبِرّ: )خيرُ البرّ عاجله( ،لاينطبق على الفكر السياسي والعمل السياسي!
بعض الناس يستعجلون ، في تفكيرهم السياسي، فيقدِمون على أعمال ، في ظاهرها خير، انطلاقاً ممّا ورد في بعض الآثار: (خير البر عاجله) ، جاهلين أو متجاهلين ، أن العمل السياسي ليس عملاً خيرياً ، يؤديه المرء لوجه الله ، ولا ينتظر من ورائه ، جزاء ولا شكورا ، إنّما هو كلّ مترابط ، وكلّ مقدّمة فيه ، تؤدّي إلى نتائجها .. وكلٌّ حسب نيّته !
وسوم: العدد 909