في الذكرى الخامسة لسقوط حلب المحررة
لقد لامني عند القبور على البكا رفيقي لتذراف الدموع السوافك
فقال أتبكي كـل قبـر رأيتـه لقبـر ثوى بين اللوى والدكادك
فقلت إن الشـجا يبعث الشجا فدعني فهـذا كلـه قبـر مالك
أتوقف اليوم عند الذكرى الخامسة لسقوط حلب الجميلة البهية ..
أتوقف لأبكي بالبكاء عليها ، كل بلدة وكل تلة وواد أعاد الظالم المستبد حبيب الفناء عدو الحياة ، وضع يده عليها .
بالنسبة إلي كل غرس شجرة على الأرض السورية هي حلب في جمالها وبهائها وقدرها وقيمتها ..
والمشهد السوري يحتاج إلى وقفة عملية من المختصين الاستراتيجيين لإعادة دراسة الموقف ، ليس للبكاء على اللبن المسكوب، على طريقة الشعراء ، وإنما لمعرفة أين كان الخلل ؟ وكيف نتجنبه ؟ إن كنّا صادقين في أننا عازمون على الاستمرار ؛ في كل المحطات ، يحاصرنا قول ربنا تبارك وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ).
لا يعجب المدمنون على السكر والحشيش والأفيون شيء مثلما يعجبهم قول أبي نواس : وداوني بالتي كانت هي الداء . ولذا تراهم كلما لاصوا غاصوا أكثر وأكثر ...
ونقول لكل المتكئين على آرائك القرار الثوري السوري : لقد كان الانكسار الأول في " القصير ، ثم في " عين العرب " وما تلاها ، وما أسرعت ما تحررت الرقة ثم لتصبح وكرا للغلاة المارقين ، ثم مضايا ، وكان ما كان في مدن الغوطة ؛ ولم يكن لنا في أي هذه الوقائع درس وعظة واعتبار .
شكل دخول الروسي إلى سورية بكل ثقله قبل سقوط حلب بخمسة عشر شهرا ، محطة تحول كبرى في ساحة الصراع ، محطة تحول تعبوية عملياتية استراتيجية، ولكن ذلك لم يدفع القادة العسكريين ولا القادة المتعسكرين إلى إعادة دراسة المعطيات والمستجدات دراسة استراتيجية بعيدا عن الأماني ، وإن كان أحد قد فعل فمن فئة يقال فيها " ولكن لا رأي لمن لا يطاع "
ثم سقطت حلب فمثل سقوطها بداية الانحسار ، ولحظة الانكسار الحاد لمسار الثورة ؛ الذي طل صاعدا من قبل .
ويوم قال بعض الناس إن واقع الثورة بعد حلب لن يكون كما كان قبلها فسر هذا القول بعض الناس بعصبية مقيتة لا تليق بثوار.
وبعد حلب كانت أستانا وكانت مناطق خفض التصعيد الكاذب ، وكانت الهدن المقيتة ، وكانت التسويات القميئة ، والمقام ليس مقام هجاء .
انطلقت الثورة السورية الشعبية في أبعادها العامة مطالبة بالعدل والكرامة " الشعب السوري ما بينذل " متفقة على ثلاثة مقدسات " الله - سورية - حرية وبس " وكانت بس تعني بس .
في الذكرى الخامسة لسقوط حلب ..
نتساءل : من من القوى والهيئات السورية المسئولة اتخذ قرار عسكرة الثورة ؟؟؟
من من القوى والهيئات السورية المسئولة وضع استراتيجية المواجهة العسكرية على الطريقة التي تمت بها .
من من العسكريين السوريين يُؤْمِن بمواجهة عسكرية تحت سماء مكشوفة يسيطر عليها طيار متوحش لحم الأطفال أشهى على مائدته من لحم الرجال المقاتلين ؟
كانت معركة السوريين مع القابع في القصر فصارت مع كل حجر وشجر منتشر أو منتثر على الأرض السوري ..
قال العقلاء للناس بشار الأسد لن يخلع من حمص ولا من حماة ولا من قهوة الشعار في حلب .. ولكن في معامع الفوضى والنفج والادعاء لا ينفع التذكير ..
سقطت حلب ، وكان سقوطها متوقعا ، وكان سقوطها حلقة في سلسلة ، وجزء من مسار ، وسقطت بعد حلب القلمون وحوران والغوطة ..
وما يزال الناس ممسكين بنفس المسار !! ويلوح لي بقبضته فأحوقل وأحسبل واسترجع ..
ومسار الثورة اليوم في يد أقوام تشهوا يوما أن يكون لهم مقعد في الجبهة الوطنية التقدمية ، ويظنون أن الحظ قد ابتسم لهم..
نقول للصادقين العازمين على الرشد، إن صدقتم فما أنتم فيما انتم عليه ، على طريق ...
وسوم: العدد 910