يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم, يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً, أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً, يبيع دينه بعرض من الدنيا))
ومن الغرور أن آمن على نفسي .. ومن الغرور أن نأمن على أنفسنا .. اللهم إنا نعوذ من الغرور وحبائله ، ومن الشيطان مداخله وتسويلاته ومخارجه.
وكان سيدنا عمر رضي الله عنه يلزم سيدنا حذيفة بن اليمان - أمين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنافقين - يسأله ويلح عليه ، إن كان قد علم فيه نفاقا ..
ومن حقي وحقك أن نتساءل : فمن أنا ,’؟! ومن نحن ..؟ ويقولون أخوف ما يخاف النفاق على من أمنه، ودلاه الغرور ...
والحديث الشريف يندبنا إلى مبادرة الصالحات البينات قبل أن تسبقنا الفتن المشتبهات فندخل في طخياء ظلماء يحار فيها الحليم ..
ويحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الانقلاب والارتداد وسرعة دخوله إلى قلوبنا وأعمالنا بين صبح ومساء ، أو بين مساء وصباح ، يصبح الرجل على حال ويمسي على آخر ، أو يمسي الرجل على حال ويصبح على آخر ..
فحين تختلط الأمور ، ويشتبه العارض الممطر بعارض العذاب ، ما أكثر ما يتردى الرجل أو القوم في حبائل الضلال .. ( قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ) هكذا يحسبون اليوم عارض سليماني وعارض الحرس الثوري الإيراني ( بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ )
ومن الناس من يخلع الربقة ، ويجاهر بالمشاققة والمحادة ، ويتبع غير سبيل المؤمنين فيكون كمن زحل ودحل ورحل ، وهذا من قبيح الكفر ، ومن المجاهرة فيه ، والتباهي بانشراح الصدر له .. ، وهو مع قبحه وشناعته وسوء عاقبته أهون شرا من ذاك الذي ..تسوّل له نفسه ، فيلبس هواه ثوب الإسلام ، ويجمّل الكفر والفسوق والعصيان بعنوان الإيمان ، ويحاد الله ورسوله وصالح المؤمنين ، وينحاز إلى مسجد الضرار ، ويرفع راية ابن أُبيّ رأس النفاق والمنافقين..!!
وكم استهوت الشياطين في تاريخ الملل والنحل كما في تاريخ الإسلام من أقوام ورجال ..ضرب الله مثلا لشرهم طريقة ، ابن باعوراء فقال فيه وفي كل من سلك طريقته ، من الذين يضلهم الله على علم : فمثله كمثل الكلب ..
فُتن أقوام بشهواتهم ..وفتن أقوام بأموالهم ..وفتن أقوام بعقولهم ... وفتن أقوام بقوتهم فقالوا ( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ) وفُتن أقوام براياتهم مسودة مخضرة مصفرة .. وفتن أقوام بعناوين القرآن .. والانفاق .. والجهاد .. وفُتن أقوام بأعمالهم وفتن أقوام بأنسابهم فقالوا ( نَحْنُ أَبْنَاء اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ )
وظنوا أن ما يتزينون به في المحافل من رايات وعباءات ، يبيح لهم أن يقولوا ما يشاؤون ... عندما يشاؤون .. وقتما يشاؤون .. فقد هانت عندهم شريعة تقول لهم : لا .. فطوّعوها لأمرهم ، وأنزلوها على حكم أهوائهم وشهواتهم / فوجدوا فيها لكل ريبة ذريعة ، ولكل شهوة مدّخلا ، ولكل رغبة وليجة .. وظنوا أن " بهار الجهاد " الذي يرشوّن ، يطيّب الدم والميتة ولحم الخنزير وما ذبح على نصب الأهواء والشهوات والرغبات والتطلعات ..
ونستنبط من قوله صلى الله عليه وسلم " يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل " أن ثمن الدين مهما غلا وعلا ، وسواء كان نقدا أو كراعا أو سلاحا أو كل ما يزعمه الزاعمون ، ويتفلسف به المتفلسفون .. كل ثمن يعرض على المرء مقابل دين .. أو عرض هو قليل .. وهو قبيح ، ويردي صاحبه يوم يود الإنسان لو يفتدي ..
والأهم في كل الموقف ، أن يراجع كل مسلم نفسه ، وأن يقف كل صباح ومساء أمام مرآته ، يجدد العهد مع ربه ، ويحذر تلبيس إبليس ، ويحذر ما تتنزل به على قلبه المرباد " الشياطون " .. والقلب المرباد كالكوز المجخي هو القلب الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ، إلا ما أشرب من هواه ..
وأن لا يغتر امرؤ منا أو امرأة أنه نجا ، وكذا أن لا تروّعه وتفتنه كثرة الساقطين والمنزلقين والمضيعين والمفرطين والمتهاونين والمتسلقين والمستطيبين لضرورات أكلهم الميتة ولحم الخنزير .. فالنأي عنهم ، ومنابذتهم هو من الحذر على الدين .. والاعتصام ولو بأن تعض على أصل شجرة .
الولاء : حب .. ونصرة واحفظ عن ربك ( وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ )
كان أهلنا - ونحن صغار - عندما يعلموننا الوضوء ، يعلموننا عند غسل أقدامنا أن نقول : اللهم ثبت أقدامنا على صراطك المستقيم يوم تزل الأقدام...
وها أنا اليوم وقد تجاوزت السبعين أقول : اللهم ثبت أقدامنا على صراطك المستقيم يوم تزل الأقدام ..
وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه - أمعاؤه - فيدور فيها كما يدور الحمار في رحاه ، فيقال له : يا فلان ألم تكن تأمرنا بالمعروف ، وتنهانا عن المنكر ؟؟؟ فيقول : كنت آمركم بالمعروف ولا أتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه"
يا حادي الطريق جرت .. وهو والله الفجر أو البجر ...
وسوم: العدد 911