المبوقون لا يكفوا عن ازعاجنا
قال أبو محمد الموحِّد التُّستَريّ:
ولا خيرَ في قومٍ يَذِلُّ كِرامُهم ... ويعظُمُ فيهم نَذْلُهم ويَسود
(دمية القصر)
لم يكن التيار الصدري في مسيرته المتناقضة سوى جعجعة في تأريخ العراق الأحتلالي، تيار أشبه بتنين شره يأكل كل ما بدى أمامه، وما عزف عن أكله سحقه بقدميه أو رماه في متاهات المجهول، ورقة مزورة نزعت من مخطوطة ابتلاع العراق وألصقت في سجل الحضارة الإنسانية بغفلة من التأريخ وفي ظل شخير الضمير الإنساني في سباته العميق، فبدت نشازا لا تتلاءم مع الصفحات التي سبقتها أو تقدمتها، إنها ورقة صفراء مريرة تتحدث عن أخطار أعاصير هوجاء تعصف بصروح من خيال لتحولها إلى أطلال تنعق فيها غربان البرية، وما أكثر أطلالنا وما أكثر دموعنا عليها. هذا هو عراق اليوم الذي أطلق عليه الغوغاء (عراق الصدرين). بلد كان في يوما مهدا للحضارة الإنسانية، فصار اليوم مستنقعا آسنا يعج بالطفيليات والقاذورات، انه عراق العملاء والخونه والفاسدين واللصوص والإرهابيين والمزورين والمرتشين، عراق البغاء والمخدرات والميليشيات والسجون السرية، عراق غارق في الفساد برئاساته الثلاث، اما غطاء بالوعته فهو القضاء بكل هيئاته وقضاته. هذا هو عراق الصدرين، او سمه (عراق البطة المتوحشة) او (عراق الغوغاء) او (عراق الميليشيات) او (عراق الفساد)، كلها واقعية وصالحة للوصف.
لابد من الرجوع قليلا إلى الوراء لنستذكر بعض الملامح البارزة من مسيرة التيار الصدري وهي مسيرة معتمة ولا تشرف بأي حال من الأحوال، فإفرازاتها نتنة تأنف منها وتعافها النفوس الزكية، وحتى تلك الأنفاس المشبوهة التي أضفاها الغير عليها، فأنها تتحمل مسؤوليتها بشكل وآخر، فالقانون لا يحمي الأغبياء والعرف لا يعصم السفهاء، والتجربة تدحض الحكماء، هكذا تعلمنا من التأريخ واستنبطنا من عبره، والتأريخ أفضل معلم.
غالبا ما تسمع في اللقاءات الحوارية على القنوات الفضائية العراقية بعض المطبلين الذي يصفون مقتدى الصدر (حجة ابليس) وتياره من السراق والمجرمين والإرهابيين بالتيار الوطني، وان زعيمهم الجاهل الأهبل سيد المقاومة، ولا نعرف من يقاوم هذا التيار المنحرف، لم نشهد له في الماضي صولات، إلا في مقاومة أبطال البصرة، وهو ما اعترف به سيد البطة (سيارات تُسمى البطة عائدة للتيار تختطف وتغتال الناشطين)، وقد إعترف بأم لسانه انها هذه الجماعات تعود الى تياره، بمعنى انه يقاوم الوطنيين الأحرار، وهذا ما توضح خلال ملاسنة جرت بين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وما يسمى بوزير الصدر وهو لا يقل جهالة عن سيده، فقد صرح المالكي" لن نسمح للبطة أن ترعب الناس مجددا كما لم أسمح لها في السابق، نريد لشعبا آمنا وأمة تعيش بسلام". ورد عليه ـ الوزير بلا وزارة ـ صالح العراقي بالقول" يمكن القول إن البطة هي الحل الوحيد للفاسدين، ولمن باعوا ثلث العراق لداعش". انه اعتراف بأن مجرمي البطة هم من جماعة مقتدى الصدر.
شهدنا في المسرح الدموي الصدري قيام الإرهابيين الصدريين من اصحاب القبعات الزرقاء وهم يهوون بالأسلحة والعصي على ثوار تشرين من أصحاب السلمية، واخيرا يوم الثامن من شباط انتشر تيار المنحرفين في شوارع بغداد والنجف وكربلاء في استعراض عسكري محملين بالأسلحة، بحجة الهجوم المزعوم على العتبات الشيعية، ولا نعرف من الذي هدد أو يجرأ على تنفيذ هذا التهديد، حتى داعش هدم مساجد واضرحة أهل السنة ولم يقترب من أضرحة ومزارات الشيعة في المناطق التي إحتلها، أما لماذا؟ فهذا لغز وطلسم لا يحله إلا القابعون تحت جلباب الولي الفقيه
الحقيقة لم يجرأ على هذا الفعل الإرهابي سوى سادة الإرهاب من الحرس الثوري وذيوله من بدر وحزب الدعوة والتيار الصدري، الذين فجروا السياج الخارجي للعتبات الشيعية في سامراء، لإعلان الحرب الأهلية التي قادها الممسوس إبراهيم الجعفري لعنه الله دنيا وآخرة.
لم نشهد لتيار مقتدى الصدر لا موقفا وطنيا، ولا حتى موقفا ثابتا، مواقفه أشبه بالريح متغيرة الإتجاهات، بل ان الرجل غير متوازن ولا مستقر في جميع مواقفه، بإستثناء ولاءه المطلق لسيده الخامنئي، فهذا ما نقر له به. اما ما صدر منه في حالات نادرة بأنه يعارض التدخل الإيراني في الشأن العراقي فهذا متفق به مع سيده الخامنئي، وهو لا يختلف عن تهديد الخال لمصطفى الكاظمي بأنه لا امريكا ولا البسيج الإيراني سيشفعوا له.
لو كان في العراق قضاء نزيه ويعرف الله، ولا يفضل السياسيين على عبادته، لفعلَ مذكرة إلقاء القبض على الصدر للإيعاز بقتل مجيد الخوئي، ولقاضاه على إعترافة بأن عناصر البطة من الإرهابيين يعملون بتوجيه منه، ولحاسبة على عناصره المجرمين من أصحاب القبعات الزرق وقتلهم المتظاهرين، وحاسبه ايضا على اعترافه بقتل المتظاهرين ومنهم مهند وقد اعتبرها حجة الخبث (جرة إذن)، نسأل الله أن تُجر إذنه مثلما جر إذن الأبرياء، وفي الدنيا قبل أن يتسلمه خازن النار
ربما يعترض البعض على هذا الكلام ويزعم ان مقتدى وطني للعظم.
نحاججه بالقول: اعطنا موقفا وطنيا واحدا؟
من المؤكد سوف يعجز عن الجواب، ويفحمنا بالهراء كسيده.
ان كان مقتدى الدجال قد طالب بمكافحة الفساد، فهو ووزرائه من اكبر الفاسدين، بل هو من يحميهم وآخرهم محافظ البنك المركزي (من التيار الصدري) فقد طالب بنفسه بإستجوابه في البرلمان، وبعدها كيف لا يفتضح أمره، اوعز لنوابه والمتحالفين معه بعدم دخولهم البرلمان عند الإستجواب، فأفشل الجلسة، فعلا دجال محترف لا مثيل له في تأريخ العراق، جمع ما لا يمكن جمعه، عمالة وتجسس وسرقة وإرهاب وقتل ودجل.
أما عن ولائه المطلق لإيران، فهذا ما عبر عنه القيادي في التيار الصدري (غايب العميري) في 9/2/2021 خلال لقاء تلفازي " ان الحكومة القادمة صدرية لان التيار يشكل الأغلبية السياسية وسنحصل على 100 مقعدا، ان مشروعنا القادم بعد تشكيل الحكومة هو تحقيق الاندماج الوحدي مع إيران تحت راية خامئني ونائبه حجة الاسلام والمسلمين مقتدى الصدر".
هل بعد هذا يمكن ان يحاجج المبوقون للتيار الصدري بأنه وطني؟
عبرة من حكاية الطرطوشي" روي أن المأمون أرق ذات ليلة، فاستدعى سميراً فحدثه بحديث. فقال السمير: يا أمير المؤمنين كان بالبصرة بومة، وبالموصل بومة، فخطبت بومة الموصل إلى بومة البصرة بنتها لابنها.
فقالت بومة البصرة: لا أنكحك ابنتي إلا أن تجعلي في صداقها مائة ضيعة خراباً.
فقالت بومة الموصل: لا أقدر عليها الآن، ولكن إن دام والينا سلمه الله علينا سنة واحدة، فعلت لك ذلك". ( سراج الملوك). اللبيب يفهم المغزى.
وسوم: العدد 916