آفة التقليد أن يلتمس الحب في جحر الضب
من أسوأ العادات عادة التقليد الأعمى دون إعمال عقل أو تفكير . والتقليد الأعمى يعشش حيث يعطل العقل والتفكير ، وانتشاره أسرع من انتشار النار في الهشيم .
ومع حلول منتصف شهر فبراير، ترتفع عندنا حمى التقليد الأعمى بخصوص ما بات يسمى عيد الحب ، وهي مناسبة خاصة بالمجتمعات المسيحية ، ولا صلة لها بغيرها من المجتمعات التي تدين بغير الدين المسيحي ،علما بأنها مرتبطة بمقتل قديسين ضحوا بأرواحهم من أجل دينهم أمام استبداد الوثنية كما تروي الأخبار المسيحية . ولا شك أنه من حيل من أرادوا استمرار إحياء هذه المناسبة أنهم ربطوها بعاطفة الحب، فموهوا بذلك على حقيقتها .
ولما كان التقليد الأعمى آفة المجتمعات في كل زمان فقد، تلقف الاحتفال بعيد الحب عن المسيحيين من لا صلة لهم بدينهم ،وراحوا يبحثون عن الحب في جحر الضب كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم " فسأله من كان معه من صحابته رضوان الله عليهم : " يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ " قال : " فمن ؟ " .
وتشبيه مآل التقليد الأعمى بدخول جحر الضب فيه تحذير شديد من عاقبته ، ذلك أن جحر الضب فيه قذارة ونتن ، ورائحة كريهة بسبب تبوله ، وهذا من شأنه أن يحمل المقلدين التقليد الأعمى على استهجانه واستقباحه، والنفور منه، والرأب بأنفسهم عنه .
والذين يريدون تسويق أو ترويج أسوأ العادات في مجتمعنا المسلم يستغلون بالدرجة الأولى براءة الأغرار الذي لا خبرة لهم بالحياة ، ولا علم لهم بما ينتقل فيها عبر العادات من سوء تصرف أو سلوك لا ينسجم مع قيم دينهم .
بالأمس عمدت بعض وسائل الإعلام الرسمية قبل غيرها على تسويق ما يسوق بمناسبة ما يسمى عيد الحب من هدايا في شكل أزهار و ورود حمراء وقطع حلوى أو شكولاطا مصوغة في قوالب قلوب ... وغير ذلك من الهدايا مع استجواب بعض من يسوقونها أو يقتنونها دعاية وإشهارا لعادة دخيلة غريبة على مجتمعنا المسلم الذي هذب الإسلام سلوك أهله بالكتاب والسنة .
وما أبخس الحب وهو من السمو ما هو في ديننا الإسلامي إذا ما التمس في جحر ضب منتن ، وما أجدر حب حرمه هذا الدين بذلك الجحر، فهو أولى به، وأنسب له خصوصا في ظرف ارتفاع حمى المطالبة بفاحشة الزنا التي بات تسمى لعلاقة رضائية ترضي الشيطان وتغضب الرحمان ، والتي انتدب لها مروجون يفسدون في الأرض ولا يصلحون .
إن الحب الذي شرعه الله عز وجل في محكم التنزيل هو ذلك الحب الذي امتنه على عباده المؤمنين في قوله عز من قائل : (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )) ،والمودة أو الود درجة عالية من المحبة أو الحب تزينه الرحمة ونحفه بين الأزواج في إطار علاقة يرضاها لهم ربهم الذي كرّمهم ، ولا يرضى لهم ذلة وهوانا في إطار ما حرم من علاقة الزنا أو المخادنة . ولا يدرك حقيقة هذه النعمة إلا قوم يتفكرون كما وصفهم الله عز وجل ، أما من عطلوا تفكيرهم فأنى لهم إدراكها ؟
والحب الذي شرعه الله عز وجل لعباده المؤمنين في إطار زواج شرعي ،وهو نعمة من نعمه سبحانه وتعالى يحتفل به في كل لحظة داخل عش الزوجية العابق بطيب المودة والرحمة من خلال حسن المعاشرة ، وليس تلك العلاقة الرضائية بين من رضوا لأنفسهم قذارة المخادنة والفاحشة والتمسوها في جحر الضب المنتن يسوقهم إليه تعطيل عقولهم بالتقليد الأعمى وعقلية القطيع .
فمتى سيفيق كثير من الغافلين من غفلتهم ، ويطلقون عقولهم من عقالها لتتحرر من التقليد الأعمى المفضي إلى حجر الضب القذر وإلى ما هو أشد منه قذارة؟
وسوم: العدد 916