الهوان الفردي ، والهوان الجماعي !
قال الشاعر: إذا أنت لمْ تَعرف لنفسك حقّها هواناً بها ، كانت على الناس أهوَنا !
وقال الشاعر: غيرَ أنّ الفتى يلاقي المَنايا كالحاتٍ ، ولا يلاقي الهَوانا !
الهوان الفردي معروف ، فماذا عن الهوان الجماعي ؟ وقبل ذلك : كيف يُعرف الإحساس بالهوان ؟ وما مقياس الهوان الفردي ، والهوان الجماعي ؟
يختلف الهوان الفردي ، من بيئة إلى أخرى ، كما يختلف الإحساس به ، من فرد إلى آخر، بحسب الظروف والأحوال ؛ فربما يحسّ شخص ما بالهوان ، إزاء حالة لاينتبه، إليها آخر، في البيئة ذاتها ، أو في بيئة مغايرة !
ومن أسباب الإحساس بالهوان :
الأسر عند الاعداء ..
ظلم الحكّام وجنودهم ..
الاعتداء على بعض المقدّسات ، أو على بعض العناصر، التي يرى لها المرء قيمة كبيرة ، في بيئته : كالاعتداء على الأعراض ، وحرمات البيوت ..!
في البيئات القبلية : كان كلّ فرد في القبيلة ، يحسّ بالهوان ، إذا اعتدي على شرف امرأة ، من نساء قبيلته .. كما تحسّ القبيلة كلّها أنها مهانة !
وكان بعض الشعراء يَصمون القبيلة كلّها ، بالهوان ، إذا لحق الهوان ببعض أفرادها ؛ بل ربّما ألصق شاعر، الهوان بقبيلة ما ، بسبب مناكفة شعرية ، بينه وبين شاعر آخر، كقول جرير للراعي النميري : فغضّ الطرفَ ؛ إنكَ من نُمَيرٍ فلا كعباً بلغت ، ولا كلابا !
وإذا كان الإحساس بالهوان الفردي ، يختلف بحسب البيئات والظروف ، فمن المستحسن تسليط الضوء ، على الإحساس بالهوان الجماعي ! والمقصود به ، هنا ، هوان الشعب فنقول :
إذا كان الشعب - كلّه أو جلّه - في حالة هوان ؛ فالأصل أن كلّ فرد فيه ، يحسّ بالهوان!
ومن أنواع الهوان ، التي تلحق بالشعوب :
استهانة الحكام بشعوبهم وبمقدّساتها ومقدّراتها ، واعتداء الحكّام وجنودهم ، على الحرمات والأموال ، دون أن تكترث الشعوب بذلك ، وبالتالي ؛ دون أن يخاف الحكّام وأزلامهم ، من غضب الشعوب ، أو ثورتها ، أو تمرّدها ! وإذا هان الشعب على حكّامه ، كان على الآخرين الغرباء أهون ، وأقلّ احتراماً وهيبة !
مثال : قالت أمّ أحد الأجانب ، الذين قتلهم رجال الأمن ، في دولة متخلّفة ، مستبدّ حكّامها.. قالت المرأة : ظنّوه من مواطنيهم ، يقتلونه متى أرادوا ، دون أن يغضب له أحد ، أو يتحرّك لنصرته أحد !
وما يجري ، اليوم، على بعض الشعوب العربية والمسلمة ،على مسمع ومرأى من العالم، مثال صارخ ، على هوان الشعوب ، التي لايكترث لمآسيها الناس، لأنها هانت على أنفسها، أو هان بعضها على بعض !
وسوم: العدد 917