أيها السوريون الأحرار في مهاجركم وعلى ثغوركم وفي كل الأرض السورية..
أيها السوريون الأحرار في مهاجركم وعلى ثغوركم وفي كل الأرض السورية..
أتوجه إليكم اليوم في ذكرى محطة من محطات تاريخنا الحديث ما زالت مُضرجة بدماء الأبرياء..
أربعة عقود تفصلنا عن مجزرة حماة الكبرى، وما زال نزيف الدم يتصبب شلالاً ساخناً قانياً يوقظ العقول، ويبعث في القلوب المزيد من العزم والتصميم..
يا أبناء سورية الكرام..
ومع إطلالة شهر شباط من كل عام، يستعيد السوريون ذكريات المجزرة الأقسى والأعمق في حياتهم.. المجزرة التي أحاطت بحاضرة من حواضر سورية الكبرى بكل مقوماتها، فأتت فيها على الطفل والمرأة والإنسان، كما اجتاحت الكثير من أوابد العراقة والمجد..
المجزرة.. وحماة.. وشباط 1982... وما يزال النهج هو النهج، وما يزال القتل والاستباحة هو الأسلوب، ولم تكن مجزرة حماة في تاريخ نظام القتل هي الأولى، فقد سبقها وصاحبها مجازر تقدمتها وحفّت بها عن يمين وشمال، ثم أعقبها ما أعقبها، هذا الذي عاشه السوريون في كل مدنهم وبلداتهم، ولو أن إحصاءً عملياً واقعياً أحصى كم قتل الأسدان من السوريين والفلسطينيين، لاستحقا المرتبة الأولى على صعيد الإجرام بعد الحرب العالمية الثانية.
أيها الإخوة..
نتوقف عند الذكريات لنتعلم منها، ولنزداد عبرة وبصيرة، لنشحذ عندها العزائم، ونُعطي العهد للذين سبقونا على طريق الشهادة: لن نُخدع ولن نُذل ولن نَهون..
حماة وجسر الشغور وسجن تدمر وما تلا وتلا وتلا..
وما يزال شلال الدم ينهمر، وصوت المستغيثين يملأ الفضاء، وأعمدة الفساد ما زالت تتوالد وتفتك بكل شيء جميل في هذا الوطن..
وما زال البعض يحاول إقناع شعبنا أن الديكتاتور الذي قتل وغيّب مليوناً من شعبه، وشرد أحد عشر مليوناً، هو خيارهم المفضل لمستقبل سورية.. وهم يريدون للشعب السوري أن يتصالح مع الاستبداد ومع الفساد ومع الطائفية ومع الجريمة والقتل ومع الاغتصاب والسرقة، والسوريون أولياء الدم لا يمكن لهم أن يرضوا بهذا الانحطاط الأخلاقي والتردي السياسي الذي يُجمّل القبح ويُطهر العهر..
صحيح أن واقع سورية اليوم مؤلم، والألم كبير، ولكن أملنا بفرج الله أكبر.. فالمنحة ستولد من رحم المحنة.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..
قال الله تعالى في كتابه الكريم ((إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُۥ ۚ وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ))..
وإلى فرج قريب ووطن حر عزيز كريم..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وسوم: العدد 921