فضلُ الكلام : أينسف بعضُه بعضاً ؟
عن أبي سعيد الخدري قال : بينما نحن في سفر مع النبيّ ؛ إذ جاء رجل على راحلة له ، فجعل يصرّف بصره يميناً وشمالاً ، فقال رسول الله : (مَن كان معه فضلُ ظهر، فليَعد به على من لا ظهر له ، ومن كان معه فضلٌ من زاد ، فليعد به على من لازاد له ..) .. فذكر من أصناف المال ماذكر، حتى رأينا ، أنه لا حقّ لأحد منّا ، في فضل ! رواه مسلم .
وحديثنا ، هنا ، هو عن فضل الكلام ، في موضوع واحد ، لتحقيق هدف واحد !
ليس المقصود ، هنا ، هو تداول الآراء ومناقشتها ، وتقليب وجهات النظر، حول موضوع ما ، للوصول به إلى أفضل صيغة.. فهذا مطلوب ومرغوب وضروري ، لإنضاح الرأي ؛ إنّما المقصود هو : نسف الرأي من أساسه ، والإتيان برأي آخر، مختلف تماماً ، عن الرأي الأول .. ثمّ نسف الرأي الثاني .. وتقديم رأي ثالث ، مختلف على الرأيين الأول والثاني .. ثم تقديم رأي رابع ، ينسف الآراء المقدّمة ، من قبل ، كلها.. أو نسف الآراء المقدّمة ، دون تقديم رأي معيّن ! وهكذا .. فيصبح الناس أشتاتاً ، لايجمعهم رأي ، ولا توحّدهم كلمة !
وأسباب هذه الشرذمة في الآراء ، متعدّدة ، من أهمّها :
إعجاب كلّ ذي رأي ، برأيه !
الأهواء المتنازعة ، لدى أصحاب الآراء والمصالح المختلفة !
الجهل ، لدى بعض الأشخاص ، في المسألة المعروضة للحوار، أو المناقشة !
وسوم: العدد 921