الحاكم غير المتغلب
07أيار2021
معمر حبار
- قرأ اليوم إمام صلاة التراويح سورة سيّدنا يونس عليه السّلام، فوقف السّامع المتتبّع عند الوقائع التي وقعت بين سيّدنا موسى عليه السّلام، وفرعون، والسحرة ويسعى لأن يستخرج منها العلاقة بين الحاكم، والمحكوم وكيفية التّعامل مع مايطلقون عليه "الحاكم المتغلّب؟ !"، فكانت هذه الأسطر:
- فرعون: يمثّل "الحاكم المتغلّب؟ !" أي الذي استولى على الحكم بتزوير الانتخابات، والتوريث، والانقلابات العسكرية، والشرعية الثورية، والنّسب الشريف، والحلف الأطلسي، وعدو الأمس، والدسائس، وقتل الأقارب.
- السحرة: يمثّلون الذين يبرّرون لـ "الحاكم المتغلّب؟ !"، ومنهم: بعض القائمين على وسائل الإعلام، وبعض أساتذة الجامعات، وبعض الفقهاء، والمثقفين، ورجال الأعمال، وأصحاب النفوذ، وشيوخ القبائل، والمسؤولين، والسفراء، والوزراء، والمنتفعين مهما كانت منزلتهم ورتبهم.
- سيّدنا موسى عليه السّلام: يمثّل المجتمع الواعي، والعالم المخلص، والأستاذ الجامعي العارف بالعواقب، والفقيه الذي ينطق بالحقّ والصدق. وهؤلاء –وأمثالهم- هم الذين يقفون في وجه "الحاكم المتغلّب؟ !".
- هناك من يبرّر لـ "الحاكم المتغلّب؟ !" معتمدا في ذلك على آيات قرآنية، وأحاديث نبوية، وأحداث تاريخية، وأقوال شيوخه الأحياء منهم والأموات، ولا يرضى أن يمسّ حاكمه المتغلّب بنصيحة ناهيك عن نقد.
- الحاكم بريمر في عراقنا الحبيب تعامل معه البعض على أنّه "الحاكم المتغلّب؟ !" يجب طاعته، والامتثال له، ولا يحقّ الخروج عنه.
- بعض الخونة من العرب تعاملوا مع المحتلّ الإنجليزي على أنّه "الحاكم المتغلّب؟ !" الذي يجب طاعته، والامتثال له.
- بعض الخونة من الجزائريين تعاملوا مع الاستدمار الفرنسي على أنّه كذلك، ويجب طاعته والامتثال له لأنّه الأقوى، ويملك من العتاد والعدّة مالا يحلم به الجزائري الفقير الجائع العريان المطارد يومها.
- لايوجد في فقه الأمّة، ولا في عرفها مايسمونه بـ "الحاكم المتغلّب؟ !" والتبرير له بالسّيطرة المطلقة، والهيمنة الكاملة، والدوس على حقوق العباد والبلاد، إنّما يوجد حاكم تختاره الأمّة بما يخدم الأمّة.
- لايوجد "المجتمع المتغلّب؟ !" يفعل مايشاء ليحرق وطنه، وخيانة أرضه، وبيع ثرواته بأبخس الأثمان، إنّما يوجد مجتمع يمتثل للحاكم فيما يحقّق أمن وسلامة واستقرار الدولة والمجتمع، وينتقده فيما يستوجب النقد ويقوي أركان الدولة والمجتمع، ويحفظ أمنها واستقرارها.
- أسيادنا الجزائريين الأوائل لم يتعاملوا مع الاستدمار الفرنسي على أنّه "الحاكم المتغلّب؟ !" تجب طاعته والخضوع له، بل تعاملوا معه ومنذ اليوم الأوّل للاحتلال على أنّه المحتلّ المغتصب يجب مقاومته، ومحاربته، وطرده بما يملكون من صدور عارية، وأرجل حافية، وبطون جائعة وعلى رأسهم أسيادنا الأمير عبد القادر، والمقراني، وبوعمامة وغيرهم كثير رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم جميعا.
- تكمن عظمة أسيادنا الجزائريين من الشهداء والمجاهدين الذين فجّروا الثورة الجزائرية أنّهم لم يتعاملوا مع الاستدمار الفرنسي على أنّه المتغلّب يجب تسليم الجزائر له، بل حاربوه بالقليل الذي يملكون وهم لايملكون غير أرواحهم الزكية الطاهرة.
- سحرة فرعون هم الذين برّروا -في البداية- لفرعون على أنّه المتغلّب يفعل مايشاء، وبمن شاء، وأنّى شاء. ومن برّر للحاكم سوء الأفعال، وخيانة الوطن، وبيع ثرواته باسم "الحاكم المتغلّب؟ !"، وباسم الدين، و"السنة؟ !"، فهو لايختلف في شيء عن السحرة في مرحلتهم الأولى حين برّروا لفرعون باعتباره المتغلّب.
- لاأدعو إلى مواجهة الحاكم "الحاكم المتغلّب؟ !"، وفي الوقت نفسه أدعو إلى عدم الاستسلام له، والخضوع له، وإبداء عدم الرضا، وإلى عدم التبرير له باسم "الدين؟ !" و"السنة؟ !" فإنّ ذلك من عمل الحركى الجدد.
وسوم: العدد 927