" فتوح الغيب " وفي أدب النصح والتعليم
عنوان كتيّب صغير للشيخ عبد القادر الكيلاني. الباز الأشهب رحمه الله تعالى.
كنت قد قرأته في السبعينات من طبعة مصرية قديمة ووجدته كنزا علميا مفيدا هو أصغر بكثير من كتابه الوعظي الجميل "الفتح الرباني " ولكنه في ميزان العلم أثقل وأكثر بركة . ثم وجدت لكتاب " فتوح الغيب " نسخة مخطوطة جيدة قليلة الأخطاء في المكتبة الوقفية في حلب وذلك في سبعينات القرن الماضي، فنسخته ، وحققته، وقارنت المخطوط بالمطبوع ، وخرّجت أحاديثه...
وأرسلته إلى المطبعة مع أربعة كتب لي ..ثم تم أمر الله ...وأمر الله كله خير.
كتاب "فتوح الغيب" كتاب جميل ، ومفيد، ومؤلفه من شيوخ الإسلام المعتمدين يعالج موضوعات قلما تطرق إليها العلماء، بمنهجية علمية متقدمة، أهم موضوعاته : تدافع الدعاء والقضاء ، وكيف يدفع الدعاءُ الأقدار،َ وما يزالان يتعالجان بين السماء والأرض، وكذا نظرية الشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى عن " دفع الأقدار بالأقدار " وهي نظرية تصحح النظرة التواكلية التي شاعت بين المسلمين، وأهل التصوف منهم بشكل خاص، القائلين بإسقاط التدبير .." لا تدبر لك أمرا فأولو التدبير هلكى ...سلم الأمر إلينا نحن أولى بك منك "
نظرية دفع الأقدار بالأقدار . أو مصارعة الأقدار بالأقدار ، هي تعبير آخر عن قول سيدنا عمر رضي الله عنه " نفر من قضاء الله وقدره إلى قضاء الله وقدره" الحديث الذي كان يوم طاعون عمواس ...
السخرية من أهل الإسلام ليست من الإسلام ، واليوم أتابع كلاما منسوبا للمرحوم حسن الترابي يسخر من اجتماعنا على الدعاء في ليلة القدر !! لا أعرف شيئا عن مأخذ الكلام وسياقه ، ولكن أسلوب السخرية فيه أرهقني، ومنذ يومين تابعت مقالا لأحدهم ، قد ركب في بدايته عربة الإخوان المسلمين، يعنون مقاله ساخرا : هل ينتظر الإخوان المسلمون المعجزة !!
يا أخي الإخوان المسلمون يهاجمهم في هذا العصر شياطين الإنس والجن معا ، فهلا كففت ، وهلا عففت ، وأنت خير من يعلم إذا نفع علم ، أن الشهيد سيدقطب دفع حياته ثمنا لكلمات ، وأنه في كتيبه الصغير الثقيل "هذا الدين" ، وفي الفصل الأول منه يقرر عن الإسلام أنه " منهج للبشر " وأنه لم يتحقق في حياة الرسول الكريم بالمعجزة ، وإنما بالجهد والعرق والتضحية والصبر والمصابرة . تقول العامة إذا وقعت البقرة كثرت السكاكين ، والإخوان المسلمون لم يقعوا بحمد الله، ولن يقعوا بفضل الله ، ومع ذلك فما أكثر ما أتابع من استظلوا بظل دوحتهم ، يتنمرون عليهم ، ويستأتذون عليهم ، وينالون منهم ، طلبا لعلو في الأرض، أو لبعض الحظوة عند الناس .." والله يعلم المفسد من المصلح " لا كبر من شعر أنه أصبح أكبر من أبويه أو من أهله أو من قومه ...
وما أجمل قول الفزدق عن قومه :
وما أصاحب قوما فأذكرهم ...إلا يزيدهم حبا إليّ همُ
كانت أشد الطعنات التي أحس بها يوليوس قيصر وقد تناوب زملاؤه على جسده ، طعنة حميمه بروتس ، يوم أطلق كلمته الشهيرة " حتى أنت يا بروتس" ..
السياسة لا تصنع في الفراغ ، ولا تصنع في الوهم ، حتى نشيدنا الجميل الذي ما نزال نطرب له : سلّم الأمر إلينا نحن أولى بك منك ...له وقت ننشده فيه . اللهم إنا خرجنا من حولنا وطولنا إلى حولك وطولك ...
ليقرأ من أحب كتاب الإمام القطب عبد القادر الكيلاني " فتوح الغيب " ولعل له طبعات جديدة مخدومة نزلت في الأسواق ، وإنما أردت الدلالة على الخير.
وسوم: العدد 928