هكذا يصبح وجود الفلسطيني على أرضه “إحساناً واستثناء إنسانياً”
في الأيام القريبة القادمة ستصوت الكنيست على تمديد سريان قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل، الذي يمنع الفلسطينيين مواطني الدولة من لم الشمل مع أزواجهم. الألم والمعاناة والإهانة التي يتسبب بها القانون للفلسطينيين مواطني إسرائيل لا تحتاج إلى إثبات. وكل من له قلب وليس أسيراً لرؤية عنصرية، عليه الاعتراف بذلك. ولكن وجود القانون في كتاب القوانين الإسرائيلي له مغزى يتجاوز حتى المس بحقوق الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، ويتجاوز كونه إعلان حرب صريحة وفظة للدولة ضد جزء من مواطنيها الذين يعتبر حبهم في نظرها عملاً تآمرياً يجب القضاء عليه.
إن قانون منع لم شمل العائلات يكشف أحد الأسرار ويدحض الادعاء الرئيسي لمن يريدون الدفاع عن مقولة أن إسرائيل دولة ليبرالية، وأي تصنيف للنظام في إسرائيل يجب عليه الفصل بين ما يحدث داخل الخط الأخضر وما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ففي حين أن الأول تسوده ديمقراطية دستورية، ففي الثاني ثمة نظام منفصل يقوم على قوانين الاحتلال الدولية.
هذا الادعاء يتفق والتحليل الذي يميز بين نظامين قانونيين منفصلين، تقوم إسرائيل بتطبيقهما في أرض إسرائيل – فلسطين. ويتفق مع مقولة بوجود مساواة في الحقوق الفردية لجميع المواطنين داخل إسرائيل. ولكنه ادعاء يواجه بالتحدي الذي يضعه أمامه قانون العودة. رداً على ذلك، يقول من يؤيدون هذا الادعاء بأن هذا القانون يعبر عن سياسة الهجرة التي تجسد الحق في تقرير المصير للقومية اليهودية التي هي أمر خارجي بالنسبة لمسألة ما إذا كانت إسرائيل تطبق المساواة في الحقوق بين مواطنيها. أو مثلما قال في حينه رئيس المحكمة العليا، القاضي اهارون براك، في قرار حكم قعدان الذي رفض الادعاءات التي بررت التمييز ضد العرب في استئجار الأراضي عامة: “مفتاح خاص للدخول إلى البيت يعطى لأبناء الشعب اليهودي (قانون العودة). ولكن عندما يكون هناك شخص في البيت كمواطن بصورة قانونية، فإنه يتمتع بحقوق متساوية مثل جميع أبناء البيت”.
مؤخراً، نشر مدير عام جمعية “عدالة”، ناشط حقوق الإنسان المحامي حسن جبارين (للمعرفة، جبارين صديقي، ونحن شركاء في نضالات قانونية كثيرة)، بحثاً أكاديمياً استثنائياً فحص الفرضية “الباراكية” (نسبة إلى باراك). وكشف هذا البحث أن منع لم شمل العائلات على أساس ديمغرافي هو سياسة تطورت على جانبي الخط الأخضر بصورة متوازية، حيث تنتقل المحكمة من حكم إلى آخر، وتعتمد “هنا” على ما تقرر بخصوص “هناك”، ومن خلال تحطيم نموذج النظامين، يتم إيجاد هيئة موحدة للحكم لها خصائص متشابهة.
على جانبي الخط الأخضر، تحدد أن للسيد (والقائد العسكري) حقاً غير محدود في تحديد سياسة الهجرة حتى لو كانت مميزة. وهكذا، تقرر على جانبي الخط الأخضر أن الطريق الوحيدة أمام الفلسطينيين للم شمل العائلات هي الاستثناء الإنساني، الذي لا يخلق حقوقاً أو معياراً، بل عطاء يعتبر إحساناً. وهكذا، ساهم سن هذا القانون على جانبي الخط في منع لم شمل العائلات وجميع الالتماسات التي أرادت تحدي رفض الطلبات لأسباب إنسانية تم رفضها. ونذكر بأن قانون العودة ربما هو قانون إسرائيلي للخط الأخضر، لكن يتم الشعور بنتائجه في المستوطنات داخل الضفة أيضاً، حيث إن تجنس اليهودي يسمح تلقائياً لمن يتجنس بالاستيطان فيها.
أنظمة قانونية مختلفة ونتائج مشابهة؟ يقول جبارين إن هذه الاستنتاجات تكشف بأن هناك “شخصية دستورية” واحدة في إسرائيل وفي المناطق المحتلة، وتقوم على مجمل الأساس الذي يسري على جميع “الأنظمة” الإسرائيلية: القاعدة الديمغرافية. بكلمات أخرى، إن الأحكام وتطبيق القانون المكتوب تكشف غير المكتوب فيها بشكل صريح، وهو أن الشخصية الدستورية الواحدة التي تسيطر من النهر إلى البحر هي لنظام عرقي تحدد فيه هويتك حقوقك كفلسطيني، إذا كنت مواطناً أم لا. أي، نظام عرقي – كولونيالي له دستور واحد وهو تفوق المستوطن على المواطن.
يظهر هذا التحليل بأن النقاش الدائر حول قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل، وحول حق مواطنين فلسطينيين بالعيش مع أزواجهم في إسرائيل، ليس نقاشاً على الحقوق الفردية فحسب، بل هو جزء من النقاش حول طبيعة النظام في إسرائيل.
وسوم: العدد 935