مأدبا .. الماء و الحياة والفسيفساء الجميلة

محمد حسان الذنيبات

عن اي مأدبا أحدثكم ؟! هل عن مأدبا التي فيها أحبابنا الكثر  و أصحابنا الذين لا يعدون من نسيج الوطن كله، مأدبا التي فيها أساتذتنا و إخواننا و رفاقنا الذين أكلنا في بيوتهم و واجهاتهم مرات ومرات ! أم مأدبا التي يقوم أحد مساجدها المسمى (المسيح بن مريم) عنواناً للأردن و لا أعرف له شبيهاً في الاسم في العالم كله !! مأدبا التي دقت أجراس كنائسها يوم وفاة أحد رجالاتها ورجالات الأردن و رموز الحركة الاسلامية أحمد اقطيش الازايدة رئيس بلديتها لدورتين و نائبها المميز الذي يذكره الأردنيين جميعا نموذجا فريداً. أم مأدبا الأب وليم اليعقوب الصوالحة الذي فيما أعلم أنه كان أول أو ربما ثاني من أوصى بالتبرع بأعضاء جسمه بعد الوفاة و كانت من نصيب ٣ مرضى مسلمين عام ١٩٨٩ !!

مأدبا التي أذكر فيها ليلة قضيتها في احدى بيوتها برفقة غانمة تساوي عندي عشرين سنة مما يعدون !! مأدبا الأزايدة والبلقاوية و الحمايدة و العشائر المسيحية و اللاجئين وأبناء المخيم و غيرهم من العشائر المحترمة التي جاءت إليها من كل الاردن من البادية و الكرك و معان و البلقاء و غيرها ... مأدبا الفسيفساء في مجتمعها و التي لا تقل جمالاً عن الفسيفساء في كنائسها ومتاحفها و التي أهلتها لتنظّم إلى شبكة اليونسكو للمدن المبدعة عن فئة الحرف اليدوية و الفلكلور مع ٤٦ مدينة حول العالم !!

هل أتحدث عن رحلاتنا بين جبالها و وديانها و مياهها و الإطلالات التي وقفناها على مرتفاعاتها نيمم شطر فلسطين بأنظارنا و نتنفس هواءاً نسم على المسجد الاقصى !! هل اتحدث عن ميم المروءة لرجالها أم عن ألف الاصالة في نساءها أم عن باء البركة في خيراتها ومياهها واسمها جزءان  (الماء في الجزء الأول و الداب (الحياة) في الجزء الاخر وهذا في كل اللغات التي عبرت و استوطنتها لفترات) أم تريدني أن أكلمك عن دال الدروب الكثيرة فيها و التي تلتقي و تهتدي كلها إلى صراط الأردن المستقيم !

نحن حين نتحدث عن مأدبا فهو استكمال للحديث الذي نتحدثه عن الأردن كله وحين اتحدث عن الأردن فهو الأردن الذي انتمي إليه كله، بقراه و بواديه و مدنه و مخيماته و أزقته لا نجامل في ذلك أحداً و لا نطلب شيئاً من أحد و  إنما نرد جزء من الدين الذي نحمله في كل خلية من خلايانا لهذا الوطن الذي تحاك حوله و حول اهله مؤامرات و صفقات و مكائد لن تضرنا الا أذى !!

وسوم: العدد 943