حديث ذو شجون
قد تضطر دول الغرب للاحتكام إلى بعض المواثيق الإنسانية والخضوع لمعاهدات عالمية.
ولكن ذلك كله يُنسى إذا كان الأمر متصلاً بالمسلمين. إن منطق الحقد وحده هو الذي يعلو.
ولذلك كان السلطان "عبد الحميد" رحمه الله يردد هذه الكلمة في كثير من المناسبات: إن لدى الدول الأوروبية ميزانين: أحدهما بالنسبة لجميع شعوب العالم وهو يزن الأمور بالعدل والقسطاس، وأما الآخر فهو بالنسبة لنا نحن المسلمين، وهو ميزان جائر خاسر.
وددت لو أن جمعاً كبيراً من الدعاة كان معي عند السيد "أمين الحسيني" مفتي فلسطين وهو يسرد عليّ أطرافاً من مآسي الحقد الديني التي تعرض لها العرب والمسلمون في الآونة الأخيرة، والتي أصابتهم بجراح لن تندمل أبداً، بل ستظل تقطر دماً على اختلاف الليل والنهار أو يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
قال: إن قصار النظر من المسلمين يحسبون أن أوروبا وأمريكا هجرتا الدين وابتعدتا عن إيحائه الجليّ والخفيّ في الشؤون المحلية والعالمية.
وهذا غلط فاحش، بل جهل مطبق بما يدور في العالم من أحداث.
فليس يخفى على ذي بصيرة أن الناحية الدينية لها الأثر الأكبر في توجيه السياسة الدولية، وأن التكتلات القائمة على شتى العقائد، هي التي تمسك بزمام الأمور وتديرها وفق هواها، مستعينة بالأوضاع الاقتصادية والعسكرية وما إليها.
واستطرد السيد مفتي فلسطين يقول: إننا، نحن المسلمين، نمقت ضروب الاستعمار وألوان التعصب، ونودّ لو يحيا البشر، على اختلاف عقائدهم، متعاونين متعارفين، وأن يتنفّسوا في جوّ من السماحة والتراحم.
ولكن من لنا بتحقيق هذا الأمل؟!
إن المؤسسات الدولية التي افتُرض في قيامها أن تصل إلى هذا الغرض، كانت، للأسف الشديد، أول من خان قضايا العدل والحرية.
وأيّاً ما كان الأمر فنحن، ببواعث خالصة من ديننا، سنظل نقاوم، ما حيينا، كل ظلم يقع بنا، وكل غبن يقترفه الأقوياء ضدنا، وكل أمنية حمقاء في تركنا للإسلام، ومحاولة تهويد قُطر، وتنصير آخر، من أرضه الطيبة.
وسوم: العدد 946