قطوف من حياة رسول الله

هاهي نسائم الأيام المباركة تحمل عبير عطر الرسالة، تحمل أنوار ريح طيبة، نسائم تحملنا لنشد رحالنا لنسيج في روض سيرة خير الأنام، نستحضر المعاني و العبر، نستعرض في إيجاز قطوف عبر من سيرة رسولنا صلى الله عليه و سلم

فأول قطوف المناسبة  كيف  يعيش رسولنا الكريم اليتم ؛ فيحرم من الأب قبل ميلاده ، و يفقد الأم و لم يكمل ست سنين ، ثم يحرم كفالة الجد و هو ابن ثمان سنين  من العمر،  فتنتقل  كفالته لعمه   ذو العيال الكثير ، إنما  ذلك لحكمة فأثر تربية الأب و الأم و الجد لها أثرها في حياة الأبناء ، فرعايتهم  تكسب الأبناء القوة و المقدرة على تحمل الأعباء ، فمرفقة الأباء مهمة في المراحل الأولى في حياة الطفولة  ، لكن أن يحرم رسولنا الكريم  من السند ، يحرم رعاية الوالدين ؛ لتكون التنشئة و الكفالة التربية و التوجيه و الإعداد و الحماية لله تعالى وحده  مصداقا لقوله تعالى     {  ألم يجدك يتيما فآوى } سورة الضحى

إن حياة الرسول الله درس بليغ لليتامى ، بل هي تسلية لهم ، أن  يعيش قدوتنا حياة اليتم  ، يكمل مشوار الحياة راضيا محتسبا ، يقابل كل  ذلك بالعزم و التجلد ، يسير على رسم معالم طريق واضحة ، يجمله الصدق و الأمانة  و المعاشرة بالحسنى ، يشارك مع قومه  و يقاسمهم  ، يفرح لفرحهم و يحزن لحزنهم . 

إن حياة رسولنا كانت محطة أساسية للأمة  حتى تصحح المسار المعوج ، إن حياة رسولنا وقفة تأملية لكل صورة مشوهة ، تحملنا  لنصحح مسار سيرنا المعوج ؛ الذي شابه الدخل و الدجل و الخرافة ، إن مسار حياة رسولنا طبعتها عقيدة سليمة خالية من الأمراض ، زينتها عقيدة توجه الحياة ، تقودها لرفعة الدنيا و الآخرة ، إن مسار حياة رسولنا ترسم لنا حياة الرفعة في ظلال الطهر و النقاء ، طهر في الروح و البدن ، طهر في اللسان و الفرج ، طهر في البيع و الشراء ، حياة  بلا خداع و لا خيانة ،  حياة تصاغ بالعطاء ، حياة قوامها العلم و العمل ، قوامها الأخذ بالأسباب ، قوامها التوكل الصادق في الإقبال و الإدبار ، حياة تصوغها القناعة و الرضا ، حياة يطبعها التراحم و التكافل و المؤاخاة ، تلكم هي حياة رسولنا الكريم .

إن حياة  رسولنا الكريم  منهج تطبيقي واضح يرسم  المسار الصحيح  ،منهج  يوجه الأتباع لترقية كل المعاني الفاضلة  التي تؤسس لحياة الريادة  و الرفعة ، منهج يدفع الأتباع  لاستكمال النقص بالتربية الصحيحة  ، التربية التي قوامها   الإيمان الصادق  و العمل المخلص  المتواصل و إن قل ، التربية التي تدفع   لتعزيز الثقة بنصر الله لعباده  ،التربية التي  تدفع   لتكسير رواسب الخمول والجمود و التعصب و  الانزواء ، تحليها بالعطاء  ، تربية  تدفع الجميع   لتقوية اللحمة بالوحدة و التعاضد بين مفاصل المجتمع الواحد    . .  

إن حياة رسولنا منهج يعمق الحياة الإنسانية في أبعادها المتكاملة ، كونه منهج يوازن بين القوة التي تحمي البنيان ، و منهج الرحمة و التسامح  يعزز الوسائج و يقوي الأواصر ، كونه منهج  يعطي الحلم حقه ، فيعفو و يسامح ،كونه  منهج يحمي حقوق النساء ، فيشرع تكريمهن    و الإحسان لهن  ، كونه يستوعب  المكونات الإنسانية فلا يفاضل بين الأجناس و الأعراق ، كونه منهج تذوب فيه كل الفوارق ، فأصل الإنسانية واحد، تكون فيه المفاضلة  بالصلاح  و الخيرية   .

هذه بعض القطوف استلهمتها من وحي المناسبة ، قطوف نسأل الله أن يصلح حالنا لخير حال ، نسأل الله أن يردنا إليه ردا جميلا ، نحيي سنة نبيه و نستني يهديه الهادي إلى الحق.

وسوم: العدد 951