اليوم العالمي للطفل20 / 11/ ..كل عام وعالم الطفولة بألف خير!!
مرّ علينا بالأمس " اليوم العالمي للطفل" والذي يصادف العشرين من تشرين الثاني من كل عام ..نتوجه بالتهنئة والتبريك لعالم الطفولة على سطح هذه المسكونة، سائلين المولى أن يعم الجميع باللطف واليسر والمودة والحب ..يا أطفال العالم جميعا كل عام وأنتم بخير وبقسط وبر ...
وأحيانا يخطر ببالك أن الأيام العالمية التي توافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، على تكريسها للاهتمام بمقتضياتها، تشبه في طبيعتها إلى حد كبير شعارات البعث المدمجة، التي لم تتغير حتى اليوم في الوحدة والحرية والاشتراكية!!ولعلك تتساءل عن أي وحدة وحرية واشتراكية كانوا يتحدثون؟؟
اليوم العالمي للطفل..
تقرؤه عنوانا إعلاميا عالميا، ثم أنى اتجهت حولك في العالم المستضعف، تجد الأطفال في مقدمة ركب الضحايا المطحونين. ولا حظ معي المعادلة ..
يعاني والد من البطالة فيصبح الطفل بموجب ذلك محروما، إما يفقد حقه في المدرسة أو في الهدمة أو في اللقمة..والأمثلة حولك وحولي كثير..
يُقتل الوالد مظلوما على أيدي الطغاة، فيصبح الطفل يتيما؛ وهل أصعبُ عيشا من يتيم؟؟!! وقديما قالوا: وما أضيع الأيتام في عالم اللئام..!! وبقولهم نقول..
يُعتقل الوالد من قبل الظالم ..أو يهحّر الوالد.. أو يصاب الوالد بإعاقة نتيجة قصف للطغاة والمجرمين؛ ودائما تكون الضحية مزدوجة، في الشخص المقصود ،والأسرة التابعة ..
في عقوبة السجن التي يراها المقننون المعاصرون أفضل طريقة لمعاقبة الخاطئين، يقول المشرعون الناقدون: أنتم لا تعاقبون الجاني وحده، بل تعاقبون معه أسرة بريئة لا حول لها ولا طول، وتتذكر: ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة..!!
ونعود إلى اليوم العالمي للطفل، ونعود إلى سورية المثخنة بكل أنواع البلايا والرزايا والجراح لنذكر ببعض الفظائع التي ارتكبها وما يزال يرتكبها بشار الأسد المعلق على صدره من قبل المجتمع الدولي الذي احتفى بالأمس بيوم الطفل العالمي: "برسم إعادة التأهيل"..
أتذكر وأذكر في الواقعة الأولية في أيام الثورة الأولى..الأب المعتقل يتعرض للتحقيق والتعذيب، وتعتقل زوجته، للضغط عليه، ولا تجد الأم مكانا تستودع فيه رضيعها، فتحمله معها، إلى فرع التحقيق..
هل نسيتم ..ويمسك المحقق، الذي ما يزال يخطب ممثله على منابر الجمعية العامة للأمم المتحدة نفسها، يمسك المحقق جسد الرضيع الغض بين يديه، ويستخدم عضلاته للضغط على الوالدين، فيعصر جسد الرضيع كما تعصر البرتقالة القديمة في أحد تعبيرات الشاعر الفرنسي " بودلير" ...
هذه أهديها إلى الأمين العام لالأمم المتحدة وإلى كل إنسان تحت النجم وفوق المسكونة احتفى بالأمس في اليوم العالمي للطفل ....!! لعلهم يتذكرون!!
حكاية الطفولة المعذبة في سورية - أقترح علينا- وأنا أفكر دائما بوصفي واحدا منكم، أن نصدر موسوعة حول عذابات الأطفال السوريين، نشارك فيها، كل واحد أو واحدة منا، بواقعة حقيقية موثقة... تعلم أهل الأرض كيف يكون الشجن، ولعلنا ندخل فيها موسوعة غينيس في قسوة وعمق وانتشار عذابات الأطفال ..وسنجد ونحن نحكي للعالم عذابات الطفل السوري الغريق "ديلان" أن موج البحر كان أرحم من الكثيرين ..
تبدؤون إذا شئتم من واقعة حمزة الخطيب بكل حزنها وشجنها كانت الحكاية ولم يكن في يد أطفال درعا عصا ولا حجر ...لعلهم يعقلون..
ولنكتب عن عذابات الأطفال في الدنيا خير من " اللعي" الذي أداره البعض منذ يومين على صفحاتهم، حول عذاب جهنم. هل يكون أو لا يكون . أول ما سمع الأعرابي النحويين يتكلمون قال: يتكلمون بلغتنا، في لغتنا، بكلام ليس من لغتنا. وهكذا أرى بعضنا في محنتنا يعملون ..
سورية اليوم هي جهنم السوريين، كل السوريين، فلنفضح ما يفعلة بشار الأسد بنا وبشعبنا وأهلينا وبأطفالنا أجمعين...
وحين نقول الطفولة والطفل، يسبق إلى ذهن البعض الطفل الرضيع، والطفل يحبو، والطفل يلثغ، وليلى الحمراء يأكل جدتها الذئب، وأليس الضائعة في بلاد العجائب، وبائعة الكبريت تحلم بالدفء وسط العاصفة الثلجية..
وننسى أطفالا لم يبلغوا الحلم، أو بلغوه وهم يناهزون الرشد، وكانت شريعة الإسلام السابقة إلى التمييز بين سن الحلم الفيزيولوجي وبين الأنس بالرشد..
ننسى طبقات من الأطفال البنين والبنات على تقاطع الطرق، يبيعون علب المناديل، وقوارير المياه ...ولا يرى بعض الناس في مشهدهم إلا ثآليل على وجه حضارة السامري كما عبر أخ لنا في ديوان له من قبل..!!
ننسى الطفل الذي يعمل ويجاهد في جمع قطع الكرتون أو علب البلاستيك أو علب الكولا ليحصل منها بعد الحفا والجفا ما يسد الرمق ويطعم الجوعة...هذا ربما في سورية - غير المحررة - أوضح وأكثر ..
صبية وصبايا ..لم يعودوا يمرحون، ولم يعد " عنان الحياة عليهم صبي" كما قال شوقي, ولم يعودوا يحملون بأيمانهم حقائب فيها الغد المختبي..
يتشظى القلب ألما وأنت تتابع الناس من حولك يكثرون الهذر وقضاياهم مخلاة مثل الدجاجة أو الناقة لا باعث يبعثهم للحديث عنها.، ولا همة تعنيهم ليقصوا القصص لقوم يعقلون....
وقبل أن أختم أود أن أتقدم بالشكر والعرفان للشبكة السورية لحقوق الإنسان التي قدمت في ذكرى الأمس تقريرا عن الطفولة المعذبة في سورية، وأقتبس من تقريرها لكم بعض الأرقام ..
عدد قتلى الأطفال في سورية منذ 2011 / 29661 طفلا شهيدا. ولكي أقرب الرقم وأسهل حفظه تستطيع أن تحفظ : ثلاثون ألفا ..وربما صاروا اللحظة يزيدون..
منهم 2032 قضوا على يد الاحتلال الروسي- حسب الشبكة نفسها
ومنهم 925 على يد التحالف الدولي الأمريكي
ومنهم237 على يد ميليشيات قسد الإرهابية
ومنهم 1583 على يد جهات أخرى مختلطة ..
وفي نشرة الشبكة السورية لحقوق الإنسان نحو
5036 طفلا ما زالوا معتقلين.. اشرحوا هذا للعالم أجمع الذي يحتج على عمالة الأطفال،!! وزواج الصغيرات !! ويريد أن يعيد تأهيل من يعذبهم، ويغتصبهن!!
ومن الرقم الأول 180 طفلا قضوا تحت التعذيب يعني بالهصر والصعق والشبح والسلخ ..!!
هذه هي قضايانا ... هذه هي أولوياتنا..
ويلاه إن تكلمنا وحكينا... وويلاه إن صمتنا وكتمنا ..
وفقنا الله لحمل رسالتنا والعمل عليها، ومادام السوريون قد غدوا منتشرين تحت كل نجم، فيجب أن تسطر مأسيهم بكل لغة ولسان ..حتى يعلم أهل الأرض ماذا يدبر لهذا الشعب المستضعف، ولمصلحة من يمكر الماكرون ويصمت الصامتون ؟؟؟؟
إلى أطفال سورية أمل المستقبل ..إلى كل محمد وعمر ..وإلى كل عائشة وفاطمة وليلى وسعاد
إنما أردنا لكم مستقبلا أفضل لا تظلمون فيه ولا تذلون ولا تخافون ، فإن لم ينجح بنا المسعى، فيبقى العهد أمانة في أعناقكم ، لكي لا يكون من نسلكم أقنان وعبيد لحافظ بشار حافظ الأسد ..وأنتم تعلمون..
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) ..
وسوم: العدد 956