مصطفى السباعي ، وماعلمته له الحياة !

في الذاكرة 

مصطفى السباعي علم من أعلام الدعوة الإسلامية في العصر الحديث ، وأول عميد لكليةالشريعة في الجامعة السورية ! خاض غمار العمل السياسي والدعوي والأكاديمي ، وقضى كما يقضي الفارس الذي لم يحجبه غبار المعركة عن الأنظار ! تجمعت له خبرات  في مناحي الحياة ، نجد أنفسنا بعد أكثر من نصف قرن من تسجيل خواطره التي أسماها ( هكذا علمتني الحياة ) في حاجة إليها ؛ فهي صورة صادقة عن تفكير مجرب عارف قدر مايحمله من علم وأمانة ! وهي كما يقول : إن هذه الخواطر هي خلاصة تجاربي في الحياة ، لم أنقل شيىئاً منها من كتاب ، ولااستعنت فيها بآراء غيري من الناس ، وأعتقد أن من حق الجيل الذي أتى بعدنا أن يطلع على تجاربنا ، وأن يستفيد من خبرتنا إذا وجد فيها مايفيد ؛ وهذا خير مانقدمه له من هدية !

ويمضي - رحمه الله تعالى - قائلاً ؛ إننا لانستطيع أن نملي عليه آراءنا إملاءً ، وليس ذلك من حقنا ، وإنما نستطيع أن نقدم له النصح والموعظة ، وخير النصح ماأعطته الحياة نفسها ، وأبلغ الموعظة مااتصل بتجارب الحياة ذاتها ! والناس وإن اختلفت مشاربهم وعقولهم وطباعهم ؛ فإنهم يلتقون على كثير من حقائق الحياة ، ويجتمعون على كثير من الرغبات والحاجات والأهداف ! 

ولنقف عند ماقاله عن العلماء ، لأنهم مع الحكام إذا صلحوا صلح الناس  ، يقول عن العالِم الحق : العالم الذي يخاف الله لايجاري أهواء الناس تملقاً لهم ، ولايعطل مصالحهم المشروعة إعناتاً لهم ، ولكنه يقول الحق برفق تستسيغه عقولهم ، ويدافع عن مصالحهم بقوة تدفع صولة الظالمين عنهم ، وكذلك الأنبياء والمرسلون …..!

وعن أشد المجرمين عذاباً يقول : أشد المجرمين عند الله عذاباً مَن حرّف دينه ، واستغل عباده ، وساير الظالمين في أهوائهم ، وعادى المصلحين في آرائهم ، ثم لم يخجل أن يلبس لباس المتقين ، ويعمل أعمال الفاسقين !؟ 

وعن الدعاة يقول : الدعاة إلى الله المخلصون الصادقون يتهافت أبناء الدنيا على رضاهم ؛ ليزدادوا به جاهاً على جاههم ! والدعاة الكذابون المدجلون يتهافتون على أقدام طواغيت الدنيا ليكسبوا من جاههم جاهاً !؟ ولكن شتان بين جاه مستمد من الله ، وجاه مستمد من الشيطان ! 

  رحم الله مصطفى السباعي الذي أتحف الجيل بخلاصة تجاربه ! فهو الرائد الذي لايكذب أهله ! فلماذا لانعيد قراءة ماكتبه هذا الداعية وأمثاله لتغنى تجاربنا بتجاربهم ، ولا نبدأ من حيث انتهوا ، بل نواصل السير على طريق رادوه من قبل ، وتحملوا أعباءه !؟

وسوم: العدد 962