الفلسطينيون في النقب يواجهون مخطط يهدد وجودهم التاريخي

لم تفلح سياسات دولة الاحتلال الإسرائيلي علي مدار اكثر من سبعين عاما في نزع هوية اهل النقب البدوية الفلسطينية  لانهم متجذرون في ارضهم ويعيشوا في قري وبلدات أقامها اجدادهم واسلافهم قبل ان تولد دولة الأشرار ,دولة الاحتلال بمئات السنوات ,حافظوا علي عاداتهم وتقاليدهم البدوية العربية الاصيلة التي ورثوها من اجدادهم ,عاشوا مع الصحراء واصبحوا جزءا منها , بنية اجسامهم وملامح وجوههم تقول انهم اهل هذه الديار منذ التاريخ وسيبقون هكذا برغم كل سياسات الاحتلال لتصفية وجودهم  وتشتيتهم في المجتمع اليهودي واكسابهم عادات وتقاليد جديدة وبالتالي ينسون تاريخهم ويتركوا عاداتهم وتقاليهم وكل ما له علاقة ببداوتهم , لم تفلح سياسة حكومات دولة الكيان علي اختلاف مكوناتها السياسية منذ ان أقيمت دولتهم في نزع هؤلاء العرب الفلسطينيين البدو من بداوتهم ولم تنجح هذه السياسة بادني نسبة لإدماجهم في البلدات اليهودية القريبة وسحق هويتهم الفلسطينية .

بعد توحد الجبهات الفلسطينية مؤخرا ابان المواجهة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية ودولة الكيان في معركة " سيف القدس" بات واضحا ان دولة الكيان اعتمدت مخططات مختلفة  لتغير الديموغرافيا والجغرافيا للوجود الفلسطيني داخل كيانهم كمخطط لتفتيت تجمعاتهم بدولة الكيان وبالطبع النقب اول هذه المناطق وتعتبرها دولة الاحتلال من أصعب الجبهات فقد شهدت اشتباكات مسلحة ودامية فاجأت المستويات السياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية ابان معركة "سيف القدس" وشكلت ضغطا كبيرا على المستوي السياسي ليوقف المعركة  باي ثمن حتى لا تتدهور الأمور لأكثر من ذلك. بالطبع لم يكن النقب لوحدة وانما هناك جبهة اخري بالداخل اليهودي اللد والرملة وأيضا الجبهة الأخرى التي اعتبرتها دولة الكيان جبهة مختلفة وساخنة هي العمق الفلسطيني بالداخل المحتل. هنا بدا المستوي الاستراتيجي في دولة الكيان يضع الخطط لتفتيت تلك الجبهات وتشتيت مكوناتها الفلسطينية فتعامل مع فلسطيني الداخل بنشر الجريمة والقتل والمخدرات والسلاح وحتى قسم تمثيلهم السياسي " القائمة العربية المشتركة" بدخول منصور عباس الائتلاف الحاكم. والجزء الاخر من خطة التفتيت هو تشتيت التجمعات الفلسطينية داخل المدن الإسرائيلية باللد والرملة والدفع بمزيد من اليهود من المدن الأخرى الي داخل هذه التجمعات وبالطبع لا اعتقد ان تكون هذه العملية مدنية بامتياز فمن تأتي بهم دولة الكيان للتجمعات الفلسطينية هناك عائلات تتبع للشاباك والامن الإسرائيلي.

 النقب بقراها ال 46 والتي يقطنها أكثر من ربع مليون فلسطيني هي الأكثر قربا من غزة وتوجد ارتباطات ديموغرافية وعائلية مع كثير من عائلاتها وهذا يعتبر تحد في ذاته لكل خطط الاحتلال، دولة الاحتلال لم تعترف بأكثر من 36 قرية بدوية في النقب حتى الان وتعتبرها غير قانونية وتخطط لهدمها وتوزيع سكانها على بلدات اخري. هذا يعيدنا الي العام 2011 وبالذات لقانون (برافر – بيغن) الذي أوقف تنفيذه عام 2013 والذي شُرع لتهجير السكان العرب في النقب وتجميعهم في بلدات تقيمها لهم دولة الكيان تسمي (بلدات التركيز) لتستولي على أراضي المواطنين البدو والذين يمتلكوها وورثوها عن اجدادهم وتقدر بأكثر من 800 ألف دنم، هذا يعني ان دولة الكيان وضعت اليوم خطة على أساس هذا القانون لتشتيت فلسطينيالنقب من خلال تدمير وهدم أكثر من 38 قرية بحجة انها قري غير مرخصة وغير شرعية وبحجة تشجير أراضي النقب. صباح الخميس نهاية الأسبوع الثاني من يناير 2022 دفعت دولة الكيان بقافلة بلدوزرات محمولة الي النقب كما ودفعت بمئات من الجنود من حرس الحدود والشرطة والقوات الخاصة ورجال الشاباك مجهزين بكل ما لدي دولة الكيان من أسلحة لتفريق التظاهرات وقمعها بالمدرعات والخيالة  ووحدات القنص وطائرات هليكوبتر والدرونات قاذفة قنابل الدخان السام وتوجهت هذه القافلة الي قريتي ( سعوة والأطرش ) لهدم بيوت أهلهاوتشتيت تجمعاتهم ,وسرقة أراضيهم وتشجيرها وتحويلها الي غابات , اكثر من مائة معتقل منهم العديد من الأطفال والفتيات  ,العشرات من الرجال والنساء والأطفال أصيبوا بالاختناق نتيجة لمئات قنابل الدخان والقنابل الصوتية والرصاص المطاطي.  تعرف دولة الكيان انها ستواجه مقاومة شرسة من قبل اهل النقب الذين تجمعوا من كافة البلدات الفلسطينية في الصحراء من رهط التي تحولت الي ثكنة عسكرية خشية تفجر الأوضاع داخلها بالإضافة الي معظم القري القريبة من منطقة الأطرش (سعوة وصواوين ) والقادم اخطر فكل النقب العربي مستهدف .

القوة الوحيدة التي يمكن ان تفشل كل هذه الخطط وتبقي الفلسطينيين في النقب جبهة واحدة موحدة هو الوحدة وحدة المواجهة في كل مكان لجعلها نقاط اشتباك جماهيري واعتبار ان أي قرية بدوية يتم هدمها تعني سقوط باقي القري امام بلدوزرات الاحتلال, ولعل معركة اهل النقب ليست معركتهم وحدهم بل معركة العرب الفلسطينيين داخل وخارج دولة الكيان اجمع  لان نجاحهم في تفتيت جبهة النقب هو مقدمة لتنفيذ مخططات اكثر عنصرية لتفتيت جبهات اخري بالداخل الفلسطينيين المحتل , وحتي الضفة الغربية والقدس , وأؤكد ان  المعركة الان هي معركة كل الفلسطينيين فكما انتفض اهل النقب لأجل غزة في معركة "سيف القدس" علي المقاومة في غزة ان تعتبر ان معركة تهجير اهل النقب وترحيلهم وسرقة أراضيهم هي معركة المقاومة أيضا علي الأقل حتي لا يبقي اهل النقب يواجهوا هذه المخططات وحدهم وتعرف اسرائيل ان الفلسطينيين أينما تواجدوا فان هويتهم واحدة وعروبتهم يصعب النيل منها.

وسوم: العدد 964