صفحات هذا الفضاء، مجالس للعلم أو منابر للوعظ ، وكل ذلك يمكن أن تكون !!

وأستمر معكم.. وأكتب ولي كبدة مقروحة...

ولي كبد مقروحة من يبيعني بها .. كبدا ليست بذات قروح..

ولو أردنا أن نكتب عن طوفان الفساد والخلل والفوضى والاضطراب التي أدخلتها وسائل التواصل هذه إلى حياة الناس لكتبنا مجلدات وما استوفينا..ومع ذلك فوسائل التواصل هذه في ذاتها محايدة، بالنسبة إلى لخير والشر، ومساحات الحرية بمعانيها، التي تتيحها إداراتها المختلفة أوسع من أن نشكو فيها من تقييد أو تضييق,,,

ومع ذلك يمكن أن نسجل غلبة الجهل على واقعنا من خلال واقعها، ولا نقصد الجهل بالمعنى اللغوي المجرد، بل أقصد لوازمه من غياب العقل والعدالة والنزاهة وجمال القصد عن المشهد بشكل عام. هذا المشهد الذي يسيطر عليه الأشرار بخيلهم ورجلهم ..صفحات هذا الفضاء كؤوس يملؤها كل قوم بما شاؤوا، فلو كان لقومنا مشيئة!!

وحتى إذا فئنا إلى من نسميهم، ونعتد بهم، من الذين نأوي إليهم، أو يؤون إلينا فلا نكاد نجد غيثا ينفع، ولا عاصما يعصم ، مع انتشار الظمأ وشدة الحاجة..

وحين انكشفت مجتمعاتنا الخاصة في ميادين هذا الفضاء، انكشفت عن كثير مما لا يرضي ولا يسر ..بل انكشفنا عن كثير من الضعف والعورة واللجاجة واللدد حتى تاه الدليل وحار الحكيم.

وبدلا من أن نتوجه باللوم إلى الذين قال الله فيهم (وَلَوْ رَدُّوهُ) سأتوجه في هذه المحطة إلى الذين قال الله فيهم (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) فأين هذه الفئة من المسلمين بل من جِلتهم وخيارهم ومقدميهم من واقع ما يعيشه السواد ممن أوجبت عليهم شريعة الإسلام أن " يردوا الأمور لا أن يخوضوا فيها"

هل سمعتم أو علمتم أن مجموعة من هؤلاء الذين " تُرد إليهم الأمور" قد شكلوا لجنة أو مجمعا أو تعاونية "للتعاون على البر والتقوى" تراقب وتتابع " القالة" التي تنتشر على ألسن الناس، بمختلف الدوافع والنيات، فتباشرها ببيان علمي حكيم، يرد التهمة، ويوضح الشبهة، ويضع الحق في نصابه الشرعي حسبما ما قال الله وقال رسوله، وحسبما تقتضي شريعة المسلمين ومصلحتهم في واقعهم المثخن الذي يعيشون ..!!!

نعلم أن آلافا من حملة العلم الشرعي، يعيشون بين ظهراني الثوار مقيمين ومهاجرين. ونعلم أن مئات على ألأقل من هؤلاء مأخوذ عليهم العهد (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) ونتابع في حال أكثرهم: اللامبالاة، والصمت، وإدارة الظهر للحدث، والغيبة الكبرى عن واقع الناس.. وأحسنهم طريقة من إذا نطق أمطر مواعظ وقصصا وحكايات ودعوات ..ثم لا تسمع منه حرفا في تذكير أو تعليم أو توجيه، في أمر أو نهي، في جلاء حقيقة، وتوضيح مبهمة، وتوسيع أفق، وتعليم حكمة؛ وما أجمل وأكمل كتاب الله وهو يؤكد مرة بعد مرة عن مهمة الرسول، صلى الله وسلم على رسول الله، (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)

أي ألم يحز في صدرك وأنت تسمع أبناء الإسلام بل جند الإسلام ، في دفاعهم عن الإسلام، يقولون بغير علم منهم، كلاما ينقض أمر الإسلام وتعليمه ..ثم ترى من حولهم ممن يعلمون "يزمزمون" أو يصمتون..!!

الوعظ جميل. وقال الصحابي : كان رسول الله يتخولنا بالموعظة، يعني بين الحين والحين، بين الفترة والفترة... ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معلما للخير في كل لحظة وفي كل حين. حتى اعتبر سكوته عن الفعل يُفعل أمامه، وعن القول يقال أمامه؛ فيسكت عنه من السنة. وعظّم بعضهم من مكانة سنة "الإقرار أو التقرير "

لأن تكتب سطرا في توضيح مبهمة، أو كشف شبهة، أو جلاء غامضة، أو بيان وجه حق خفي ... أحبُّ إلى الله تعالى - ولا أتألى عليه- ألف مرة من أن تظل تعيد وتزيد فيما تظن أنه ...

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا واستعملنا فيما يرضيك عنا..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 964