زهرة لوز ….. حكاية عشق يتجدد-نص مفتوح
حين نشرت قصيدتي "مهرجان اللوز" قبل أسبوع علق بعض الأصدقاء على القصيدة معجبين، كما أعتقد، مستعملين عنوان ديوان "كزهر اللوز أو أبعد" لشاعرنا الكبير محمود درويش. لم أرغب أن أعلق لأقول إن حكايتي مع زهرة اللوز بدأت قبل عقود من ولادة هذا العنوان، توضيحاً للحقيقة واستذكاراً لعشق جميل لا يخبو رغم مرور الفصول، يشتعل ويدخل روحي كل مرة حين أراها أو أتخيلها تتفتح وأنا بعيد عن الوطن خلف المحيط، مجرد توضيح وليس دفاعاً في وجه اتهام. عشق أمارسه بتصويرها بالعدسة والكلمة دون ارتواء.
تبلغ حكايتي مع "زهرة لوز" هذا العام أربعة عقود من العشق الذي غذّى وجداني وقلمي، يوم كان القلم رحم الكلمة، وغذّى لوحة المفاتيح في حاسوبي حين أصبح الحاسوب مهداً للكلام.
في الطريق من الناصرة إلى جنين، في مرج ابن عامر، غازلتني تلك الزهرة غزلاً غرس صنارة الهيام عميقاً في الفؤاد، بعد أعوام من الإعجاب البريء والتأمل. قلت يومها هذه سيدة الأزهار، سيدة تتألق في وحدتها، وتبدع في اندماجها مع بنات جنسها في خلق بحر من البياض الموشى ببعض احمرار يجاور اخضراراً برعمياً ناهضاً يدعوك للغرق فيه طوعاً. في جبال الغالية تعمّد العشق برذاذ يوم ربيعي يغسل الروح من كل ما اعتراها من أدران القتامة ويعطيها مناعة في وجه العوادي القادمة.
قلت للصديق الشاعر علي الخليلي، لروحه السلام، سأكتب عموداً أسبوعياً عنوانه "زهرة لوز" في صفحة الفجر الأدبي الأسبوعية، نصاً بين الأدبي والسياسي والاجتماعي، فرحب بالفكرة وكان العمود، وكانت زهرة لوز الأسبوعية إضافة لمشاركتي الثقافية المكثفة، في ذلك الزمن الجميل، في الصحافة الأدبية، بإنتاج من أجواء الحرية النسبية في سجن الوطن الكبير، ومن خلف القضبان في السجون الصغيرة المختلفة التي استضافتنا، ومن قيود الإقامة الجبرية التي فرضت عليّ.
انتهت تجربة الفجر المقدسية، ونام العمود فترة، ثم عاد على صفحات أسبوعية البيارق التي راجت في فترة الانتفاضة الشعبية 1987 من باقة الغربية، وعلى صفحات مجلة شمس في جت المثلث. ثم استراح العمود استراحة المحارب حتى عاد على صفحات أسبوعية "العين" النصراوية بدعوة من الصديق الشاعر سالم جبران، لروحه السلام، وبموازاة ذلك على صفحة الغلاف الأخير لمجلة "رسالة النجاح" في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، ليعيش سنتين ثم يستريح مرة أخرى.
جاءت آخر عودة للزهرة من خلال صفحة مستقلة على الفيسبوك، صفحة زهرة لوز، صفحة خصصتها لها وحدها، تزدهر فيها ثم تستريح حين تشاء على هواها.
حكاية عشق لا يقوى على وهج الوصال المستمر لأن ناره تستعر بأوار شديد، عشق لا بد من ترويقه في فراقات تعطيه نسغاً جديداً ليتجدد.
الآن تتقدم سيدة الأزهار في حضرة الغالية وتبسط لعيونها كل ما فيها من جمال وأبهة، غالية واحدة توحدت فيها غاليتان: يعبد المنبت الخصب الذي يملك حبلاً سرياً لا ينقطع رغم المسافات، والحاجة عايشة المحمود الأمومة التي لا تنتهي حناناً وحضوراً رغم الغياب.
وسوم: العدد 969