في ذكرى الإسراء والمعراج

[من مقال للدكتور مصطفى السباعي، في افتتاحية العدد الخامس من مجلة حضارة الإسلام 1394هـ]

حادث الإسراء والمعراج من الحوادث المعجزة، يذكره المسلمون كل عام، ويرون فيه دليلاً قوياً على عناية الله برسوله صلّى الله عليه وسلّم وعلوّ مكانته بين الأنبياء والمرسلين، فضلاً عن معاني أخرى عظيمة.

فهذه الأمة التي أسرى الله بقائدها من مكة، وهو ما يزال فيها مضطهداً معذَّباً، إلى المسجد الأقصى، يجب أن تحطّم كل قيد، وأن تزيل من طريقها كل عقبة، حتى تكون كريمةً منطلقة فسيحة الجنبات.

ثم إن هذه السياحة الروحية العظيمة التي أشرف فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم على الكون ورأى من آيات الله وأسراره وعجائب خلقه ما رأى، يجب أن تبعث الأمّة إلى التحليق في أجواء الفكر والعلم والسموّ والكمال، وأن تكون مستعلية عن صغائر الإنسانية وسفاسفها، سبّاقة في البحث عن أسرار الحياة وما بثّ فيها من حقائق، وأن الصلة بين مكة وبيت المقدس صلة وثيقة العُرى لا تنفصم أبداً، وإن لبيت المقدس من الخطر في مستقبل الزمن ما لا ينبغي أن تجهله الأمة أو تغفل عنه.

ففي ذكرى الإسراء والمعراج، وفي ذكرى فتح صلاح الدين لبيت المقدس، وفي ذكرى موقعة حطين، وفي ذكرى معركة عين جالوت... في هذه الذكريات كلها ميادين واسعة لإذكاء النار الدينية في نفوس المسلمين.

أيها العرب.. أيها المسلمون: اذكروا في هذا اليوم أن الإسراء والمعراج رمز سموّ، وعنوان تحرر، ودليل كرامة، وأن رسولكم صلّى الله عليه وسلّم الذي تحتفلون بذكرى إسرائه لن يقرّ له قرار في دنيا الخلود إلا أن تحرّروا فلسطين وتنقذوا بلادكم من جحافل الصهيونية الغازية التي جعلت من فلسطين ميدان المعركة الأولى لتنتقل بعد النجاح إلى بغداد والقاهرة بل إلى مكة والمدينة.

إن فلسطين التي غرقت بالدماء تستصرخ فيكم دماء البطولات، وتهيب بكم أن تنطلقوا إليها سراعاً وبأيديكم السلاح، وفي جيوبكم المال، وفي قلوبكم الإيمان، وفي عيونكم الشرر، وفي عزائمكم تحدي الموت، وعلى أفواهكم نشيد الثأر.

وسوم: العدد 970