محاويج المواطنين هم أكثر المتضررين من موجة الغلاء
من الأمثال الشعبية في المغرب قولهم " الحيط القصير " أي الحائط القصير، ويضرب للتعبير عمن يكون لقمة سائغة أوهدفا سهلا أو ضحية ، ذلك أن الحائط أو الجدار أو الحصن إذا علا لا يجرؤ أحد على تسوره في حين إذا سفل يستباح . وهذا المثل يصدق على شريحة المحاويج في بلادنا ،وهي الأغلبية بعد شريحة وسطى أقل منها حاجة وفاقة .
ومع موجة الغلاء التي مست المواد الاستهلاكية ، وقد بدأت في الحقيقة مباشرة بعد ما آلت الأمور إلى الحكومة الجديدة ـ لا سامحها الله ـ والتي صارت شؤما على عموم المواطنين، وعلى شريحة المحاويج خصوصا ، فإن السخط قد عمّ البلاد . ومما زاد الطين بلة أن موجة الغلاء صارت لها حدّة مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي يتوجس منها العالم لارتباطها بالوقود الذي هو المحرك الأساسي للاقتصاد ، وسعره هو المتحكم في كل الأسعار .
ولقد صارت الذريعة الجاهزة لتبرير غلاء المعيشة عندنا هو ارتفاع أسعار الوقود ،علما بأن مسوقيه عندنا وعلى رأسهم رئيس الحكومة الذي لا يمكنه هو ولا غيره من المسوقين أن يعرضوا وقودهم للبيع بخسارة ، ولا يمكن لمن يعتمدون عليه في النقل أو الفلاحة أو الزراعة أوالتجارة أن يخسروا أيضا ، لهذا ترتفع أسعارهم مع ارتفاع سعر الوقود ، والضحايا هم بسطاء المستهلكين وعلى رأسهم المحاويج الذين لا تزيد مطالب قوتهم اليومي عن رغيف خبز ، وما يصاحبه من أبسط الطعام المألوف يوميا ككأس من شاي ، وقطع من بطاطس ، وحفنة دقيق لتحضير شربة أوحساء ، وما زاد عن ذلك، فهو من مطالب غيرهم من الشريحة الوسطى التي تشاركهم في الحقيقة بساطة قوتهم اليومي ، ولا تظفر بالزيادة عليه إلا في مناسبات تعد على رؤوس أصابع اليد ، أما شريحة الموسرين، فلا نعلم عن عيشها شيئا وهي في أبراجها العالية التي لا تسمع فيها لاغية.
ولقد ألهب سعر الوقود أسعار المواد الغذائية دقيقها، وزيتها ،ولحمها، وخضرواتها ،وفواكهها في الآونة الأخيرة ، وصار على سبيل المثال لا الحصر ثمن الكيلوغرام الواحد من الطماطم دولارا واحد ، والكيلوغرام من البطاطس نصف دولار وزيادة ، وعلينا أن نتصور رب الأسرة من المحاويج الذي يكدح منذ ساعات الصباح الباكر إلى ما بعد العصر في البناء على سبيل المثال مقابل سبع دولارات أو عشرة إن كان سعيد الحظ ، وله سبعة أولاد ، فكم سينفق من أجرته اليومية الهزيلة لإطعامهم والأسعار على هذه الحال ، وهي في زيادة لا يعلم لها مدى ،والسنة عجفاء ، وآثار البطالة التي فرضتها الجائحة لا زالت لم تراوح مكانها ؟
وأمام ارتفاع أسعار الوقود، دخل أرباب النقل على اختلاف أنواعه ،الناقل للبشر ،والناقل للبضائع في إضراب للمطالبة بالزيادة في أسعار نقلهم ، وقد يلبى مطلبهم كما جرت العادة لامتصاص غضبهم ، ويكون في هذه الحال الحائط الأقصر هو شريحة المحاويج الذين يستعملون وسائل النقل العمومي اضطرارا لا بطولة كما يقال ، ومع ذلك يسبقهم من لهم ركوب إلى البكاء بسبب غلاء سعر الوقود .
إن سياسة سوء التدبير والتسيير الفاشلة بسبب إماغياب التخطيط أو سوئه ، والتي لا تضع في حسابها حالات الطوارىء من أوبئة، وجفاف ، وحروب، وأزمات اقتصادية عالمية ... لا يمكنها أن تؤمن العيش للمواطنين ، فإلى متى ستظل هذه السياسة الفاشلة قدرنا المحتوم ؟؟؟ ألا يجدر بالحكومة والحالة هذه أن تستقيل فتستريح وتريح ؟
وسوم: العدد 971