كلمات بلون الثلج في تربية الأبناء ! ( دور المعلم والمربي )
كتب " عتبة بن أبي سفيان " إلى " عبد الصمد " مؤدب ولده قائلا :
( ليكن أو ل ما تبدأ به من إصلاحك بَنيّ ، إصلاحَك نفسَك ، فإن أعينهم معقودة بعينك . فالحُسن عندهم ما استحسنتَ ، و القبيح عندهم ما استقبحتَ. علّمهم كتابَ الله ، و لا تكرههم عليه فيملوه ، و لا تتركهم منه فيهجروه ، ثم رَوّهم من الشعر أعفّه ، و من الحديث أشرفَه .. و لا تُخرجهم من علم إلى غيره حتى يحكموه .. وعلّمهم سِيَر الحكماء ، و أخلاق الأنبياء .. و كن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء) ..
و أوصى " هارون الرشيد " علي بن الحسن" مؤدب ولده الأمين بقوله ( إن أمير المؤمنين دفع إليك مهجةَ نفسه ، و ثمرة قلبه . فصيّر يدك عليه مبسوطة ، و طاعتَه لك واجبة . فكن له حيث وضعَك أمير المؤمنين ، أقرِئه القرآن ، و عرّفه الأخبار ، و روّه الأشعار ، و علّمه السُّنن ، و بصّره بمواقع الكلام و بدئه ، و امنعه من الضحك إلا في أوقاته . و خذه في تعظيم بني هاشم إذا دخلوا عليه . و برفع مجالس القواد إذا حضروا مجلسه . و لا تَمرَنّ بك ساعة إلا و أنت مغتنم فيها فائدة تفيده إياها من غير أن تحزنه فتميتَ ذهنه ، و لا تُمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ و يألفه . و قوّمه ما استطعتَ بالقرب و الملاينة ، فإن أباهما فعليك بالشدة و الغلظة )
إن الأمر لا يقتصر على حشو المعلومات و إلقائها في ذهن المتعلم فالمعلم جزء هام من العملية التربوية .. و على هذا الأساس انطلق أسلافنا في فهمهم لطبيعة العمل التربوي ..إذ لا يمكن لمن يفجر أن يُخرج صالحين ، ولا يتأدى لمن يقول و لا يفعل أن يأتي بنتاج من المتربين الملتزمين .. تلك من حقائق الأمس و اليوم ، فالنفس البشرية تحب أن ترى الفضائل متجسدة في أعمال رجل ، و في سلوكه ، ولا سيما إذا كان هذا الرجل في مقام القدوة ، و كان المتعلم في مقام المتلقي . و رحم الله الشافعي ، و قد أدرك هذه المعاني . إذ يقول :
رأيت ُ العِلمَ صاحبُه كريمٌ
و لو ولدتْه آباء لئامُ
وليس يزال يرفعه إلى أن
يُعظّمَ أمرَه القومُ الكرامُ
و يتّبعونه في كل حال
كراعي الضأن تتبعه السوام
فلولا العلمُ ما سعدتْ رجال
و لا عُرِف الحلالُ ولا الحرامُ
وسوم: العدد 984