رسالة إلى حذاء ..
شاهدت اليوم من الصور التي عرضت ، بعد محاولات اقتحام الأقصى .. حذاء أحد المرابطين ، قام بنسيانه أثناء الإشتباك ...في الساحة الخارجية للمسجد ،أنا لا أعرف حقيقة النمرة ، ولكنه كبير يتجاوز ال( ٤٥) ..والأهم أنه قام بثنيه من الخلف ...فقد كنت أشاهد جدي يحرر قدمه ويثنيه أيضا ..واكتشفت فيما بعد أنهم يفعلون ذلك لأجل الوضوء ..
كم أنت عزيز أيها الحذاء المرمي في ساحة الأقصى ، على الأقل قاتلت .. لقد قام صاحبك حين لم يجد رصاصا ، ولا بندقية ولا حتى سكينا باستعمالك كسلاح يقذف في وجه الصهاينة ... أظنك سقطت على وجه واحد منهم وأصبته ..
الأحذية حتى الأحذية في أقدام الفلسطينين .. تتحول إلى أسلحة ، واسمح لي يا هذا الحذاء النقي .. أن أعتذر لك فقد كنا في الزمن القومي النبيل والزمن العربي الشريف ..نصف بعض المطبعين والمتصهينين بالأحذية .. أعتذر لك فأنت أعلى شرفا وكرامة منهم ... لقد طرت فوق رؤوس اليهود .. في حين أنهم سقطوا في الدرك الأسفل من القمامة ...
هو الفلسطيني وحده الذي جعل كاتبا مبتلى ببلاغة الحرف ، يعيد صياغة المقال بحيث يكتب رسالة لحذاء في ساحة الأقصى .. وكان بودي أن أكتب رسالتي هذه للضمير العربي .. للروح العربية الجامحة للجماهير والجيوش .. لكن العرب صاروا ركاما فوق الركام ..
لو كنت لدي يا هذا الحذا ، لوضعتك في إطار من الذهب وعلقتك في مدخل منزلي .. على الأقل حملت قدما شريفة رابطت في الأقصى وكنت سلاح من لا سلاح له ...وقاتلت ببسالة .. على الأقل قاتلت بأكثر من الذين استطابوا انتفاخ الكروش ومازالوا يتباهون بجنوحهم نحو السلام ..
لو كنت لدي لرفعتك في وجوه من باعوا ومن قبضوا ، ومن استطابوا الإنبطاح .. ومن سلموا بالمجان ... طبعا ياصديقي أنا لن أرفعك في وجوههم من أجل الإهانة ، أنت أصلا أكبر من أكبرهم ... لكن لكي أخبرهم بأن النعل فيك حي ، بالمقابل أروحهم ميتة وصدأة ..
لو كان الأمر بيدي يا هذا الحذاء العزيز العظيم ، لحجزت لكل كرسيا في مجلس الأمن كي تقرر.. ونستعيد أنا وأنت زمن خروتشوف .. حين كان الحذاء السوفياتي يقرر أيضا ..
أنت أجمل يا هذا الحذاء ، من كل اللواتي عبرن لندن في طائرات خاصة وتزين بالخمار الأسود..كي يتسوقن من (لويس فيتون) ...ويبعثرن ثروات العرب وخيرات العرب ودم العرب ، نعلك أجمل من وجوههن ... وجلدك يا هذا الحذاء فيه من الحياة أكثر .. مما تحتوي جلود .. من باعونا وأثروا ، من تاجروا باسم الشعوب .. من سرقوا نبضها وإرادتها .. من ذبحوا الشام وبغداد وطرابلس .. ورقصوا على جثث الشهداء ..
الأحذية في الأقصى تقاتل .. والبنادق العربية في غفوة ، طويلة جدا ..
قل لي أيها العزيز النجيب الكريم ... هل أنت من التقط كاميرا الجزيرة ، أم هي الكاميرا التي ذهبت إليك ..لو كنت مكان المذيع .. لأنزلت المايكريفون لك .. وأقسم أنك كنت لحظتها ستنطق وتعاتب العرب فردا فردا .. وحتما ستلومهم أنهم شبهوا بعض الأنذال منهم فيك ،وأنت من يشبه الورد فيك وليس الأنذال ...
أي درس قدمت لنا يا هذا الحذاء ، وبأي عار ذكرتنا ....فقط اسمح لي أن أطلب منك أمرا أخيرا : قل للقدم التي ارتدتك هذا الصباح وصلت ورابطت في الأقصى وقاتلت باسم الدين ونيابة عن العرب .. قل لتلك القدم أني أود تقبيلها ..فهل تقبل ؟
وسوم: العدد 984