تخوفات إسرائيلية من تبعات القرار الروسي بإغلاق الوكالة اليهودية
اعتبرت أوساط إسرائيلية أن القرار الروسي بوفف أنشطة الوكالة اليهودية في أراضيها، "انتقاما" من موسكو ضد مواقف تل أبيب الأخيرة من الحرب الدائرة في أوكرانيا.
محافل سياسية في تل أبيب كشفت أن رئيس مجلس الأمن القومي آيال خولتا، سيتحدث مع نظيره الروسي نيكولاي بتروشيف حول قرار إغلاق مقر الوكالة اليهودية في موسكو، مع تخوف إسرائيلي أن تمتد الأزمة مع روسيا إلى مستويات أخرى، الأمر الذي اضطر المسؤولين في وزارات الخارجية والقضاء والاستيعاب ومجلس الأمن القومي لإجراء مناقشات عاجلة، بغرض تقييم الوضع، وتقرر إرسال وفد مشترك لرئاسة الوزراء، لضمان استمرار أنشطة الوكالة اليهودية في روسيا رغم القرار المفاجئ.
إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرنوت، أكد أنه "ليس لدى إسرائيل الكثير من الوقت للتعامل مع الأزمة الحالية، ولذلك فقد تحدث رئيس الوزراء يائير لابيد مع وزيرة الهجرة بانينا تامنو شيتا حول القضية، وسيعقد مناقشة أخرى بين الوزارات الأحد القادم، بزعم أن الجالية اليهودية في روسيا مرتبطة ارتباطا وثيقا بإسرائيل، وتزداد أهميتها في كل محادثة سياسية مع القيادة الروسية، الأمر الذي يدفع لمواصلة العمل عبر القنوات الدبلوماسية، كي لا يتوقف نشاط الوكالة اليهودية".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "استمرار إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية في روسيا، فهذه ضربة قاسية للهجرة اليهودية القادمة من هناك، مما يجعل من الأزمة الحالية مصدرا للانشغال الإسرائيلي على قدم وساق؛ لأنها تشكل ذروة جديدة في التوترات بين تل أبيب وموسكو، خاصة مع استمرار القتال في أوكرانيا المستمر منذ خمسة أشهر، ومنذ ذلك الحين، اتخذ لابيد موقفا متشددا ضد الروس، وكان أول من انضم للغرب في معاداة موسكو، وإصدار إدانات شديدة ضد الرئيس فلاديمير بوتين، مما يجعل القرار الروسي سياسيا بحتا، ويأتي كنوع من الانتقام، رغم أنه تذرع بأسباب تتعلق بانتهاكات للقانون".
مع العلم أن الوكالة اليهودية سبق لها أن درست إمكانية وقف نشاطها في روسيا، عقب مطالب جديدة تتعلق بحصولها على معلومات حول أنشطتها في البلاد، كخطوة تمهيدية لإغلاق مكاتبها، مما منح القرار الجديد صفة "دراماتيكية" من شأنها أن تلحق ضررا جسيما بالهجرة اليهودية من روسيا إلى فلسطين المحتلة، بعد أن تلقت مكاتب الوكالة اليهودية في موسكو رسالة من السلطات تحتوي على انتقادات حول بعض ممارساتها، ومشاكل وُجدت في التدقيق، مما سيكون لها تداعيات قانونية محتملة.
الأوساط السياسية الإسرائيلية في تل أبيب، تكاد تجزم أن القرار لم يكن ليصدر لولا الموقف الإسرائيلي من حرب أوكرانيا، وتصريحات يائير لابيد بخصوصها، مما أثار غضب الروس بشدة، لاسيما حين اتهمهم بارتكاب "جرائم حرب"، وقاد قرار إسرائيل بتأييد الإدانة ضد روسيا في الأمم المتحدة، ولذلك كان ملاحظا أنه منذ أن تولى لابيد منصب رئيس الوزراء، لم يجر أي محادثة مع بوتين، كما لم يتصل الأخير به لتهنئته بتوليه منصبه الجديد.
سبب ثان يذكره الإسرائيليون للقرار الروسي بإغلاق مكاتب الوكالة اليهودية يتعلق بالعدوانات المستمرة في سوريا، خاصة الهجومين الأخيرين، الأول الذي أغلق مطار دمشق الدولي، والثاني على ميناء طرطوس، حيث توجد قاعدة روسية بحرية.
هناك سبب ثالث يتعلق بمطالبة الروس بالحصول على ملكية بلاط الإسكندر في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، بعد أن تم حظر الطلب من المحكمة المركزية الإسرائيلية، وقد بعث بوتين برسالة شخصية لرئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت بهذا الخصوص، لكن لم يحدث شيء منذ ذلك الحين، ولعل الروس يريدون الآن خلق وسائل ضغط على إسرائيل، من خلال إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية لإجبارها على التوصل إلى تفاهم معهم.
التخوف الإسرائيلي السائد مصدره أن الأزمة مع روسيا قد تتفاقم، خاصة أن إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية لديها سيكون له عواقب وخيمة على اليهود هناك، لاسيما أولئك الذين ينوون الهجرة لإسرائيل، ففي العام الماضي فقط، هاجر أكثر من 22 ألفا من روسيا، في ضوء العمل الحثيث الذي تبذله الوكالة اليهودية منذ سنوات لتشجيعهم على الهجرة، وتدير معسكرات صيفية ومؤسسات تعليمية، من خلال وجود عشرة فروع لها منتشرة في أنحاء روسيا كافة.
ردود الفعل الإسرائيلية بدأت بوزيرة الهجرة والاستيعاب بنينا تامنو شتا، التي خاطبت رئيس الوزراء، وشرحت له العواقب الوخيمة للقرار الروسي، وكشفت عن جهود دبلوماسية لوقفه بتواصلها المستمر مع مدير عام وزارة الخارجية ألون أوشفيز، فيما أعلن وزير الشتات نحمان شاي أن "يهود روسيا لن يكونوا رهائن لحرب أوكرانيا، وأن معاقبة الوكالة اليهودية على موقف إسرائيل من الحرب سلوك مهين".
وسوم: العدد 990