محبة محمد بالاقتداء به
كلُ أبٍ على وجه الأرض، من أقصاها إلى أقصاها، حينما يأتيه مولودٌ ذكرٌ، فإنه يبحث عن أفضل الأسماء، وأحب الشخصيات إلى قلبه – سواءً كانت في الماضي، أو في الحاضر – ويُسمِّي ابنه باسمها.
لكن بعضهم، تضيق الأسماء عنده، فلا يجد من بين آلاف الأسماء، سوى اسمه، فيسمي ابنه باسمه، من شدة هيامه باسمه، وشدة ولهه، وعشقه لاسمه، وشدة إعجابه باسمه!!!
وهؤلاء هم البلهاء، والبلداء، والأغبياء، والأفَّاكون، والطغاة مثلما فعل أحد رؤساء أمريكا، وكان اسمه جورج، وكنيته بوش، التي إذا تُرجمت إلى العربية، أعطتنا تلك المعاني:
بوش: كلام فارغ، وهراء، وشيء تافه.
وإذا بحثنا في معاجم اللغة العربية، عن معنى بوش، لوجدنا المعاني التالية:
ورجل بَوْشِيّ وبُوشِيّ: من خُمّان الناس، ودَهْمائِهم؛
والبَوْش: الغوغاء. والجمع: أبْوَاشٌ، وأوْباشٌ
- بوش
1- مصدر باش. 2- جماعة كثيرة مختلطة من الناس. 3- جماعة من قبائل مختلفة. 4- أوباش، غوغاء.
باش - يبوش بوشا
1- باش القوم: كثروا واختلطوا. 2- باش القوم: ضجوا وصاحوا. 3- باش: صحب الحثالة والغوغاء. 4- باش الشيء: خلطه بغيره.
ولكن الأغبى والأبله من هذا الذي سمَّى ابنه باسمه – تعظيماً وتمجيداً لشخصه، وغروراً بنفسه – أولئك الذين ينتسبون إلى الإسلام.. فيُسمُّون جميع أبنائهم باسم محمد – صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه – ليس على أساس أنه الاسم الأساسي، والرئيسي، والأصلي، ولكن على أساس أنه تابع للاسم الرئيسي.
فإذا كان أحدهم عنده عشرة أبناء مثلاً، فيضيف اسم محمد إلى الجميع.. فيُسمي مثلاً محمد عماد، ومحمد ياسر.. وهكذا..
ويزعمون أنهم ما يفعلون ذلك؛ إلا محبةً للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتبركاً باسمه الشريف.
ووالله، إنهم لكاذبون، ومنافقون – إلا قليلاً منهم -.
إضافة اسم محمد كتابع للاسم الأصلي، منكر
وهذه الإضافة التبعية للاسم الأصلي، فيها منتهى الاستخفاف، والاستهانة، والازدراء، والاحتقار لهذا الاسم الكريم!!
لأن كل الناس يهملون، ويتركون الاسم الأول – محمد - وينادون الشخص بالاسم الثاني الأساسي، والأصلي، فيصبح منسياً لا وجود له في الحياة العملية..
فلو كانوا حقاً يحبونه، لجعلوا اسم محمد هو الاسم الأساسي، والأصلي، والرئيسي.. وليس تابعاً لاسم آخر.. وهذا شيء رائع، وجميل، ومحبوب، لا غبار عليه، ويدل على محبته وتعظيمه لهذا الرسول العظيم، محمد صلى الله عليه وسلم.
أما جعل اسم محمد العظيم الكريم الشريف تابعاً لاسم آخر.. فهذا عمل منكر، ومزرٍ، ومخزٍ، وفيه إساءة لمحمد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وفيه إهانة، واستهانة، وازدراء.. وإن زعموا أنهم ما فعلوا ذلك إلا حباً به.. فهم كاذبون، أفاكون، وأغبياء، وجاهلون..
ولو كانوا صادقين حقاً، لكانوا كلهم محمداً يمشي على الأرض، ولاقتدوا بسيرته العطرة العظيمة، وساروا على منهجه، ولأقاموا دولة الإسلام، كما أقامها هو في المدينة، ولفتحوا العالم أجمع، كما هو فتح مكة، وأصحابه من بعده، حيث فتحوا العالم، ولما استطاعت تلك الطائفة الباطنية المريدة، البغيضة، أن تسيطر عليهم، وتذيقهم الذل، والخسف، والهوان.
فما قيمة إضافة اسم محمد إلى الاسم الأصلي، طالما أنه لن يُستخدم البتة، إلا في دائرة النفوس، وفي الأوراق الرسمية فقط ؟؟؟!!!
أليست هذه عقلية تافهة، وسخيفة، ومريضة؟؟؟!!!
والأكثر عجباً أن هذا الشعب التعيس، البئيس، لا يهتم إلا بالقشور، لأنه ليس عليها ضريبة، ويترك اللب؛ لأن عليه ضريبة الدم، وهو غير مستعد لدفع هذه الضريبة الغالية، فيظن أن أخذه لهذه القشور، سيقربه من الله.
والحقيقة الساطعة! أن هذا يبعده من الله أكثر، ويجلب عليه غضب الله وسخطه، ويزيده شقاءً، وبؤساً، وتعاسةَ..
الاستغاثة بمحمد صلى الله عليه وسلم، نوع من الشرك
وخاصة، حينما ينادي محمداً صلى الله عليه وسلم؛ أن يكشفَ عنه البلاءَ، والوباء، والمصائبَ، ويستغيثُ به.. فتلك هي المصيبة الكبرى، والداهية الدهياء التي تهدد من يفعلها، بالخروج من الإسلام كلياً..
لأنه يجعل محمداً صلى الله عليه وسلم، شريكاً لله.. ومن يُشرك بالله، فلا غفران له بتقرير الله ( إنَّ اللهَ لا يغفرُ أنْ يُشركُ به ) النساء 48.
بينما محمدٌ صلى الله عليه وسلم، لا يحس بهم، ولا يسمع لهم ركزاً، ولا يعلم عنهم شيئاً، ولا يملك لنفسه، ولا لهم، نفعاً ولا ضراً..
إن الذي يكشف البلاء، والضُرَ.. هو الله وحده فقط ..
فلا مَلكٌ مقربٌ، ولا نبيٌ مرسلٌ، يستطيع أن يفعل ذلك..
فَلَمَّا مَاتَ الرسول صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَتَوَسَّلُوا بِهِ.. بَلْ قَالَ عُمَرُ فِي دُعَائِهِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ الثَّابِتِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَحْضَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي عَامِ الرَّمَادَةِ الْمَشْهُورِ لَمَّا اشْتَدَّ بِهِمُ الْجَدْبُ حَتَّى حَلَفَ عُمَرُ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا حَتَّى يُخْصِبَ النَّاسُ، ثُمَّ لَمَّا اسْتَسْقَى بِالنَّاسِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا فَيُسْقَوْنَ.
وكلما جاءت ليلة الجمعة، ويوم الجمعة.. يتبارى، ويتسابق ذراري المسلمين، إلى إرسال الدعوات للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وكأنهم قد أدوا عملاً بطولياً عظيماً، تجاه رسولهم صلى الله عليه وسلم.. بالدعوة إلى الصلاة عليه.. ويشعرون بالانتفاش والانتفاخ.. والعظمة..
علماً بأنه لا شك ولا ريب، أن الصلاة على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فرض لأنها أمر إلهي ﴿ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦) ﴾ الأحزاب.
ولا مراء، في أن الدعوة إلى الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، دعوة طيبة وكريمة.
ولكن، هل هذا هو منتهى الأمر؟!
هل بهذه الدعوة، تصلح أحوال المسلمين، ويزول عنهم الوَهن، والخَوَر، والضعف، والغثاء، وحب الدنيا، وكراهية الموت، التي تحدث عنها هذا النبي العظيم صلى الله عليه وسلم، والتي أصبحت متشربة في قلوبهم – إلا قليلاً منهم -؟! ويقذف الله في قلوب أعدائهم الرعب والخوف؟!
كلا ثم كلا..
إن أبناء المسلمين، بحاجة إلى أن يكبروا، وينضجوا، ويتحولوا إلى أسود، ونمور، وإلى رجال أشداء على الكفار.. إذا مشوا، ارتجت الأرض من وقع أقدامهم، وإذا صرخوا، اهتزت الجبال الراسيات من صدى أصواتهم..
نريد من هؤلاء الأحفاد، أن يتحولوا إلى قرآن يمشي على الأرض، كما كان الصحابة رضوان الله عليهم كذلك..
نريد منهم، إذا دعوا إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أن يقتدوا بسيرته العطرة، ويتبعوا منهاجه، ويجاهدوا كما جاهد، ويعيدوا سيرة الإسلام الأولى..
أما الاكتفاء بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.. فيا لها من عمل سهل، ومهمة يسيرة.. لو كان بها، يعود للإسلام مجده وقوته.. ما أهون أن يعملها كل فرد...
وسوم: العدد 992