جنيف... والبدائل..
عقاب يحيى
وفقدنا القرار الوطني المستقل..
فقدناه بضعفنا وتشتت المعارضة، وفقدناه برهان البعض على الآخر الخارجي..
وتموضع الفقدان مع عمليات التسلح وحاجاتها الشرهة لمصادر التمويل التي باتت أكبر من طاقة جميع السوريين من أصحاب رأس المال، والذين شارك بعضهم ـ في البداية ـ بعديد التبرعات.. ثم وقفوا عاجزين.. لأن المطلوب فوق قدراتهم.. ويحتاج دولاً.. وللدول مصالحها، ومشاريعها، ورؤاها.. فاختلط الحابل بالنابل، واندفعت الأمور ـ على وقع الحاجات المتزايدة ـ نحو مزيد الطلبات المتراكبة مع نكبة الشعب السوري المفتوحة، والحاجة الماسّة للإغاثة التي تقدر بملايين الدولارات شهرياً..أي : مزيد من فرار القرار الوطني من أيدي المعارضة والهيئات القائمة، وإلحاقه بأصحاب النفوذ والمال.. فكثر عدد المتدخلين ، وتضاربت أجنداتهم مع بعضهم.. وتشتت القرار السوري.. كي تتحكم الدول الأقوى وهي تحاول فرض ما تراه مناسباً لها..
ـ أمام هذا الوضع بات أكثر الوطنيين المتشدقين ينطلق من مراهنة النتائج على"الضغط الدولي"، وما قد يفعله بشأن الحلول السياسية المتمثلة بجنيف عنواناً وممراً.. وحين تسأل أسئلة بديهية عن :
ـ وماذا لو لم يعقد جنيف ؟..
ـ وماذا لو عقد وفشل ؟..
ـ وماذا لو عقد ولم " تضغط" تلك الدول على مظام الإجران وتجبره على القبول بالعملية الانتقالية، وإخراج القاتل من العملية السياسية ؟؟...
ـ وماذا لو صنعوا من جنيف مسلسلاً مكسيكياً، أو أوسلوياً لسنوات؟..
ـ ترى ما هي خياراتنا؟.. وبدائلنا؟؟.. وهل تبقى الثورة السورية معلقة على ذلك الرهان الذي قد يكون هباء، وشكلياً، وممراً للتمييع، وإبقاء النزيف السوري مستمراً لسنوات ؟..
ـ ألا يجدر بالمعنيين من قوى معارضة، وحراك ثوري ومسلح، وهيئات مجتمع مدني أن يلتقوا في مؤتمر وطني جامع يتناقشون فيه حال الثورة والبلد، والعمل المسلح وتشتته، وتداخلاته، ومستقبله، والحلول السياسية وموقعها، والرهانات على الآخرين ووسائل استعادة القرار الوطني، وتدعيم العلاقات / الطبيعية/ مع الأصدقاء الحقيقيين للشعب السوري على قاعدة المصالح المشتركة، وخدمة لجوهر أهداف الثورة وغاياتها، بما يتجاوز جنيف وجميع الحلول السياسية إلى جملة التحديات التي تواجه الثورة والبلد، والوقوف وقفة نقدية أمام حال الثورة وما وصلت إليه.. لوضع خريطة طريق واقعية.. حتى لو استلزم الأمر الإعداد لسنوات أخرى من الثورة.. وصولاً لتحقيق الأهداف التي قامت لأجلها ؟؟...
ـ وضع الثورة.. على مختلف الصعد.. اقتراناً بتحولاتها الداخلية من جهة، وحال مدعي داعميها ومشاريعهم، خاصة الدول الكبرى من جهة ثانية، وموازين القوى ووسائل تعديلها لصالح الثورة من جهة ثالثة، وصيانة الوحدة الترابية والمجتمعية والسياسية لسورية الموحدة من جهة رابعة، ومضمون الدولة البديل بأسسها ومرتكزاتها التعددية، المدنية، الديمقراطية من جهة خامسة..
جميعها.. عوامل ضاغطة وملحة للمبادرة بعقد ذلك المؤتمر الوطني الجامع: الآن، وقبل جنيف، أو على مسافات قادمه..
ـ وإذ ندعو منذ أكثر من عام ونصف لهذا المؤتمر، وإذ نحاول بوسائلنا المتواضعة نشر الفكرة، والتواصل مع المستجيبين لها، ومحاولة إقناع قوى المعارضة وبقية المعنيين به.. نعلم ـ يقيناً ـ ان جهات، وأطرافاً كثيرة تعارض ذلك لسباب مختلفة.. بما فيها الحسابات الذاتية، والحزبوية، والمصلحية.. ومع ذلك يجب المحاولة والاستمرار في التوجه نحو توفير ظروف وشروط انعقاد هذا المؤتمر لأنه الممكن المتاح لإقرار عوامل النصر، والخروج من الوضعية المعقدة للثورة والبلد ..