تراخي الأنظمة في البلاد العربية والإسلامية في الدفاع عن المقدسات الإسلامية

تراخي الأنظمة في البلاد العربية والإسلامية في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والتساهل مع من يستهدفونها بالإساءة هو ما يشجع هؤلاء على بالتمادي في ذلك

أثارت حادثة طعن كاتب رواية " آيات شيطانية " في الولايات المتحدة ضجة كبرى في العالم خصوصا في بلاد الغرب التي تحتضن كل من يستهدف المقدس الإسلامي بالإساءة إما بواسطة رسوم كاريكاتورية أو روايات ساخرة أو مؤلفات ناقدة حاقدة ... ولا يستغرب من الغرب أن يوفر الملاذ الآمن لأصحاب هذه الأعمال المسيئة إلى الإسلام بشكل أو بآخر باعتبار قناعته العلمانية التي تعادي الدين عموما، والإسلام على وجه الخصوص الذي ترى فيه منافسا قويا لها يهدد هيمنتها على العالم باعتباره دين الفطرة الإنسانية  السليمة التي تعرضها العلمانية  عمدا للابتذال بكل ما أوتيت من وسائل وإمكانيات ولوبيات تنزّل إرادة الشيطان الرجيم التي نقلتها الرسالة العالمية الخاتمة إلى بشرية قاطبة في قول الله تعالى حكاية عن إبليس اللعين وهو يتوعد البشرية بإشاعة كل أنواع الفساد فيها  :

 (( ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم فليبتّكن آذان الأنعام ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق الله ومن يتّخذ الشيطان وليّا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا ))  .

أجل لقد تسببت العلمانية في خسارة كبرى لحقت البشر في  كل المعمور بتغييرها خلق الله عز وجل، ونقله من الفطرة السليمة التي فطره عليها  سبحانه وتعالى إلى فساد كارثي لحق به ، ويكفي أن نشير إلى معضلة انحراف الغريزة الجنسية عند البشر في البلاد العلمانية ، والبلاد التي تحذو حذوها انحرافا فظيعا نتجت عنه كل أنواع  الفواحش المستهجنة والمستقذرة  التي صارت تسمى مثلية ، وتحظى بالحماية والدعاية والتمكين ، وتدرج ضمن الحقوق والحريات الواجب صيانتها والدفاع عنها ، وسن القوانين الملزمة بذلك  ...

ولقد انتقلت هذه الآفة المهددة للفطرة البشرية السليمة والسوية من المجتمعات العلمانية التي يسودها التهتك والاستهتار بالقيم الأخلاقية إلى البلاد  العربية الإسلامية عن طريق ممارسة تلك المجتمعات كل أنواع الضغوط على الأنظمة في هذه البلاد العربية والإسلامية من أجل التمكين لهذه الآفة، ليكون ذلك محكا لها بأنها تحترم حقوق وحريات العناصر الشاذة و الفاسدة والمنحرفة المبثوثة فيها عمدا  كالأورام السرطانية الفتاكة وإلا صنفت ضمن لائحة الأنظمة المارقة عن تعاليم العلمانية ، وهو ما يعرضها لشتى أنواع العقوبات والمضايقات والتهديدات المنذرة بالويل والثبور وعواقب الأمور .

وأمام هذه التهديدات تسكت تلك الأنظمة سكوت الشياطين الخرس عما يظهر  من فساد وإفساد أقليات منحرفة وسط غالبية عظمى من الأسوياء  فطريا الذين يدينون بدين الفطرة  الإسلامية السوية . ولقد أصبحت هذه الأقليات متنمّرة، ولها العديد من الأبواق الإعلامية التي تصورها مظلومة، ومضطهدة مع أنها في واقع الأمر تتمتع بالتمكين، والرعاية ،والعناية ،والدعم اللامحدود خصوصا من طرف  البلاد العلمانية التي صارت تملي على الأنظمة في البلاد العربية والإسلامية إرادتها ، وتجبرها على الانخراط  الإجباري في التوقيع على معاهدات تضفى عليها الصبغة الدولية ، وتلزمها بتخصيص فقرات من دساتيرها للإشارة إلى احترامها ،وتنزيلها في الواقع بالرغم مما تصدّر به تلك الدساتير من إشارات واضحة إلى كون الإسلام هو الدين الرسمي في بلدانها ، الشيء يجعلها تواجه تناقضا صارخا، لأن تلك الفقرات الدخيلة عليها ، وهي من إملاء البلاد العلمانية مناقضة أو ناقضة لكل ما له علاقة بالدين الإسلامي  وقيمه وشرعه ، ولهذا عمد ديكتاتور تونس إلى شطب عبارة الإسلام دين تونس من أجل تجنب إثارة سخط العلمانية الغربية طمعا في سكوتها على انقلابه على  التجربة الديمقراطية بشكل فاضح ومكشوف  . وإذا كان ديكتاتور تونس قد أعلن عن  شطب الفقرة التي تشير إلى أن الإسلام هو دين تونس ، فإن غيره مع عدم شطب تلك الفقرة من الدساتير لا يبالي بما يعطل مقتضيات الإسلام مقابل إفساح المجال واسعا أمام ما تمليه العلمانية مما يتنافى مع تعاليم الإسلام .

ولقد طلع بعض المدافعين عن صاحب رواية " آيات شيطانية بمقالات تندد بالاعتداء عليه دون ذكر جملة واحدة تدين استباحته للمقدس الإسلامي ، علما لو أن البلاد التي وفرت له الملاذ الآمن حاسبته على المساس بمشاعر المسلمين في كل المعمور لما صار عرضة لفتوى قتله ، وهي فتوى شخص واحد طابعها سياسي  لا علاقة لها  في الواقع بما هو إسلامي ،ويحكمها الصراع  المحتدم لعقود بين دولة إيران والولايات المتحدة ومن معها من الدول الغربية . ولقد صرح أحدهم في نهاية التنديد بطعن صاحب الرواية، بأنه قد أصبح  الآن مؤهلا لنيل جائزة نوبل ، وهو أمر غير  مستبعد الشيء الذي سيؤكد مرة أخرى  أن الجهة المانحة لهذه الجائزة تقف صراحة وعلنا  وراء دعم كل شكل من أشكال الإساءة إلى الدين الإسلامي ،وإلى مشاعر المسلمين .

وفي الوقت الذي كان البعض يندد بما تعرض له سلمان رشدي ، نعق عندنا المدعو أحمد عصيد كعادته منددا بإدانة مرتدة ساخرة من كتاب الله عز وجل معتبرا ذلك مساسا بالحقوق والحريات ، وهو يصف الردة بحق يجب ضمانه ضاربا عرض الحائط ما شرعه الله عز وجل بخصوصها دون أن يجد من يتابعه أمام العدالة ،وهو يطعن في القضاء الذي قضى بإدانة المرتدة الساخرة من القرآن الكريم ،علما بأن تصريحه يشير بوضوح إلى التشجيع على الردة في بلد ينص دستوره على كون الإسلام هو دينه الرسمي  فيه . ولا شك أن ما شجعه على ذلك هو تلك الفقرات العلمانية المدسوسة في دستورنا وتأويلها حسب هواه  لتخدم توجهه العلماني الذي لا يخفيه ، ولا تخفى ردته على أحد . وما يشجع عصيد وأمثاله على التمادي في تشجيع كل ما يمس الإسلام ومشاعر المسلمين بسوء هو الحماية التي يحظى بها من المجتمعات العلمانية التي توظفه لنشر تعاليمها، وقد صار هو وقبيله طابورا علمانيا خامسا في بلادنا ، وهو الذي جمع بين الدعوة إلى العلمانية ، والدعوة إلى العصبية والطائفية  المهددة للحمة المغربية تنزيلا لأجندة خبيثة ماكرة تستهدف بلدنا الآمن المطمئن .

فإلى متى ستظل الأنظمة في البلاد العربية والإسلامية تلتزم الصمت على من يتعمدون الإساءة إلى الإسلام وإلى مشاعر المسلمين ، ويعتبرون أبطالا ، وتعتبر هذه الإساءة حقا من حقوقهم ، وحرية يمارسونها دون مراعاة حق  أو حرية الأغلبية المسلمة  في صيانة دينها ومشاعرها ؟؟؟  

وسوم: العدد 993