الحكواتي وجمهور السيرة الشعبية
مثلت السير الشعبية في أواخر العصر المملوكي إلى مدخل العصر الحديث المرآة الحقيقية لتعشق الانسان العربي للبطولة والمجد، في إطار أخلاقي إسلامي.
السير الشعبية التي تمجد البطولة على امتداد التاريخ العربي بدأ من عهد الجاهلية، عنترة بن شداد وسيف بن ذي يزن وانتهاء بعصر المماليك الظاهر بيبرس وعلي الزيبق
لا يعرف من كتبها..
ولا يعرف بالضبط متى كتبت.
ومع أنها تمثل موردا ثقافيا وحضاريا غنيا، يمكن أن يكون مصدرا لكثير من الدراسات الفنية الأدبية، والثقافية والحضارية ، والتاريخية والاجتماعية..
إلا أن التوقف عند جمهور السيرة الشعبية هو الأجدى لا ستخلاص العبر لما نحن فيه.
جمهور السيرة الشعبية في مجمله جمهور أمي.
يعتمد سرد الحكواتي.. ولا يستبعد أن يكون بعض الحكواتية هم مؤلفو السير..
شيء ما يذكرني بهذا الجمهور، مع الفارق أن جمهور الواتس قارئ كاتب يمارس كل من فيه دور الحكواتي، على الطريقة التي يريد..
أذكر من أخلاقية جمهور السيرة الشعبية، أن الحكواتي في سيرة عنترة قطع سرديته الليلية بعد أن وقع عنترة أسيرا بيد عدوه في واحدة من المرات القلية التي أسر فيها عنترة..
شباب المقهى عز عليهم أن يناموا وعنترة مأسور، فغدوا على صاحبهم الحكواتي وأيقظوه من نومه، وهددوه انهم لن يسمحوا له أن ينام حتى يطلق سراح بطلهم الممجد…
كنت من جمهور هذه السير وأنا طفل بين صفي الثالث والرابع، وقرأت في تلك الفترة العمرية من السير ..
عنترة بن أبي شداد وشقيقه شيبوب.
حمزة البهلوان وعمر العيار.
سيف بن ذي يزن.
فيروز شاه
الأميرة ذات الهمة وابنها الأمير عبد الوهاب..وعيارهم ابو محمد البطال
سيرة الظاهر بيبرس ومساعده جمال الدين شيحة. وغريمهم الراهب جوان
وبالمناسبة هناك مدينة في فلسطين اسمها "طيرشيحا" وقبر جمال الدين شيحا معروف في حلب مقابل إعدادية أسماء بنت أبي بكر ، مقر الإرسالية الألمانية منذ القرن السادس عشر.
ومن السير الشعبيةًسيرة علي الزيبق ومنافسته "دليلة" واسم دليلة مستقى من التراث اليهودي.
وبالطبع سيرة ألف ليلة وليلة طبعة لويس شيخو اليسوعي التي شذبها وهذبها أخلاقيا لأن الصيغة العامة لا تصلح لقراءة الاطفال أو البنات..
بيننا وبين جمهور السير الشعبية نحو من ثلاثة قرون. ولكن الذين ما زالوا يعيشون منا عقل معارك الجمل وصفين وكربلاء والحرة.. يعيشون المرحلة العمرية العقلية نفسها، مع اختلاف بتسمية الأبطال..
في سيرة الظاهر بيبرس هناك ملك يملك إحدى مدن الساحل الشامي. اسمه الملك عرنوس، كان جميل الصورة جدا، ومولعا ببنات الملوك، ولا يزال ينجح في مغامراته باختراق حجرات بنات الملوك ليلا ويدخل بهن، ومع أنني كنت طفلا لا تصلني الإشارات الفرويدية كما يجب، إلا أنه دائما لا يقضي الوطر إلا بعد عقد شرعي على الكتاب والسنة.
والغريب أيضا أنك لو تتبعت أخلاقيات عنترة الجاهلي لوجدته مسلما مؤمنا موحدا أخلاقيا على قاعدة "الجمهور عايز كدة"
يا إخوتي.. يا أحبابي.. أيها المتفقون معي..أيها المختلفون عليّ الرافضون لبشار الأسد.. نحن جميعا نعيش واقعا صعبا شديدا بأسه، فلندع الابطال والشجعان في قبورهم، ولنفكر كيف نخرج من أزماتنا كما خرج أبطالنا الخالدون من أزماتهم..
وسوم: العدد 995