لماذا استلذّ البعض أكل لحم الشيخ يوسف القرضاوي ميتّا ؟؟؟
مقابل تأبين الشيخ يوسف القرضاوي والترحم عليه، استلذ بعضهم أكل لحمه ، ومنهم مع شديد الأسف محسوبون على العلماء والدعاة حيث لوحظ عقب رحيله رحمة الله عليه انتشار العديد من فيديوهاتهم المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهم يتهافتون على نهش لحم أخ ميّت ضاربين عرض الحائط قول الله تعالى مخاطبا عباده المؤمنين : (( ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميّتا فكرهتموه )) علما بأن الغيبة أو الاغتياب هو ذكر الغائب الحي بما لا يحب أن يذكر به ، فكيف يكون ذكره بما يكره وهو ميّت ؟ ومعلوم أن هذه الآية الكريمة الصريحة النهي عن الغيبة أو الاغتياب بين المؤمنين قد أعقبها ما يجعل نفوسهم تشمئز و تتقزز من ذلك حيث يكون اغتياب المؤمن الحي بمثابة أكل لحمه وهو ميّت ، وإذا اغتياب الحي بمثابة أكل لحمه ميّتا فكيف يكون اغتيابه وهو ميّت ؟ وإذا ما كان اغتياب الحي الذي يكون في حكم الميّت على وجه التشبيه والتمثيل بسبب غيابه مما تشمئز وتتقزز منه النفوس السوية ، فإن اغتياب الميّت موتا حقيقيا يكون أشنع وأفظع ، ومع ذلك فقد استلذ واستطاب أكل لحم الشيخ يوسف القرضاوي رحمة الله عليه قوم من فصيلة آكلة اللحوم البشرية مع أنهم هم مع الأسف الشديد من المحسوبين على الإسلام والمسلمين بل مما يعدون أنفسهم في طليعة العلماء والدعاة والمفكرين .
ومعلوم أن الذي حمل هؤلاء على فعلهم الشنيع الذي وثقته وسائل التواصل الاجتماعي هو اختلافهم مع المرحوم القرضاوي في نهجه الدعوي المعتدل ، وفي تيسيره على المؤمنين فيما كانوا يستفتونه فيه عملا بقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم القائل : " يسّروا ولا تعسّروا وبشّروا ولا تنفّروا " .
ومعلوم أيضا أن فتاوى الشيخ رحمة الله عليه قد أفسدت على الغلاة المتشددين غلوهم وتشددهم وتعسيرهم على المسلمين ، وسحبت البسط من تحت أقدامهم ، وجعلت المؤمنين ينصرفون عنهم انصرافا ، ويضربون عنهم صقحا .
ومعلوم كذلك أن تكالب هؤلاء الغلاة على المرحوم قد صادف هوى في نفوس أعداء الإسلام التاريخيين ثم في نفوس المارقين منه، وفي نفوس طغاة ظالمين وفاسدين مفسدين ، وهو ما جعل الفيديوهات المسيئة إلى شخصه رحمة الله عليه تكثر كثرة مثيرة للانتياه والاستغراب ، وفيها يستطيب ويستلذ أصحابها من حسّاده الغلاة ، ومن المستأجرين أكل لحمه والرجل قد صار إلى جوار ربه سبحانه وتعالى .
ومعلوم أن القاسم المشترك بين كل هؤلاء المتكالبين عليه هو وقوفه طودا شامخا في وجوههم حيث ناصر رحمة الله عليه ثورات الربيع العربي، وباركها لأنها اندلعت ضد الاستبداد والفساد مع التوق إلى حياة كريمة في ظل الإسلام الحق كما أنه حارب التشدد، والتطرف، والغلو، والتخلف ، والخرافات والأوهام ... وكان عصيا على مساومة المستبدين له لعلو همته ،ورفعة شأنه ، ولإيثاره الآخرة على الدنيا خلاف الذين باعوا أنفسهم رخيصة للمستبدين ، وفضلوا عرض الدنيا الزائل على نعيم الآخرة الدائم ،وفيهم من هم على وشك الرحيل إليها عما قريب بحكم سنهم .
ولمعرفة لماذا كل هذا التجريح للشيخ رحمة الله عليه علينا أن نستحضر ما صار عليه الوضع في الوطن العربي عقب الإجهاز على ثورات الربيع العربي بشكل فاضح ومكشوف، وبشتى أنواع الكيد الخبيث حيث سقطت الأقنعة عن كل أشكال الفساد والإفساد التي تستهدف الهوية الإسلامية للشعوب العربية في الصميم ، وهو استهداف وراءه ما وراءه من مؤامرات أعداء الإسلام الذين يريدون طمس معالمه لتخلو لهم الأجواء كي يعيثوا فسادا في أقطاره شرقا وغربا . ولقد صدقت فراسة الشيخ القرضاوي ـ والمؤمن إنما ينظر بنور الله ـ وكشفت بوضوح النقاب عن هذه المؤامرات التي دبرت في كواليس أعداء الإسلام الحاقدين عليه وعلى عباد الله المؤمنين هم وما يوالونهم من الخونة المستأجرين الذين لا يقلون كراهية لدين الله عز وجل وحقدا عليه ممن استأجروهم لذلك من أعدائه التقليديين.
ومن السخف أن يفتي الغلاة المتشددون من المتقنعين بقناع التدين وأقوالهم وأفعالهم تفضحهم بعدم الترحم على الفقيد رحمة الله عليه وكأنهم أوصياء على الرحمة والترحم ، وكأن مصائر الأموات بأيديهم ، ونسوا أن الله تعالى قد توعّد من يتألّى عليه بألا تشمل رحمته أحدا من خلقه بعذاب شديد في الآخرة.
ولا شك أن نعيق هؤلاء سيتوقف ويضمحل ومصيره مزبلة التاريخ ، وسيبقى العلامة الجليل طيّب الذكر عبر التاريخ ، وطودا شامخا على الدوام عند محبيه من المؤمنين ، وغصة لا تخفّ في حلوق أعدائه أعداء الإسلام وحسّاده المستأجرين وعلى رأسهم المتلبسون بلبوس الدين وأقوالهم وأفعالهم تعرّيهم وتكشف عن عوراتهم .
وسوم: العدد 1000