هل يزول كابوس معممي قم عن سماء طهران
لم يكن صدفة انفجار الغضب الشعبي في إيران، فقد كان الغضب تراكمياً لأربعة عقود سوداوية، تحمّل خلالها الشعب الإيراني من صلف وطغيان أصحاب العمائم السوداء ما لا يمكن تحمله، إلى أن خرج الشعب عن صمته في انتفاضة عارمة شملت معظم المدن الإيرانية، وشارك فيها كل أطياف المجتمع بكل أعراقه وطوائفه، وكانت أعنف الاحتجاجات في مركز ثقل الانتفاضة الشعبية الجارية، مما يوضح أسباب انفجار الانتفاضة في "مشهد"، واتسامها بطابع التصعيد الكبير في "كرمنشاه"، اللتان كانتا ضحيتين مباشرتين لممارسات النظام.
فالليوم الثاني والعشرين على التوالي يواصل الإيرانيون تظاهرهم ضد نظام جمهورية أصحاب العمائم السوداء. وفي الوقت الذي تزايدت فيه وتيرة فرار عناصر القوات الأمنية الإيرانية أمام المحتجين، تواصلت ساعات الاحتجاج في عموم مدن البلاد لتصل الليل بالنهار، مؤكدة قرب نهاية النظام.
لقد أغلق المحتجون الشوارع بإشعال النار في الطرق في أكثر من مكان ومن بينها مدينة شيراز التي بدأت مظاهراتها بإشعال النار في الطرق الرئيسية، وكذلك سنندج غربي إيران التي فر فيها رجال الأمن أمام المتظاهرين. في الوقت الذي تظاهر فيه سكان حي "لاله زار" بالعاصمة الإيرانية طهران.
وأظهر مقطع فيديو إضرام النار في نقطة تفتيش تابعة لقوات الشرطة في العاصمة الإيرانية، طهران، وهو الأمر الذي تكرر أكثر من مرة حتى إن الشرطة في طهران قامت بنقل نقاط التفتيش من أماكنها في الشوارع.
كما أظهر فيديو آخر انفجاراً في صهريج وقود، بوسط أصفهان، أدى إلى اندلاع حريق هائل، مما تسبب في اشتعال النيران بعدد من السيارات.
هكذا يمكن الجواب بسهولة، عن سؤال: لماذا توجهت أصوات الغاضبين وأياديهم رأسا إلى مرشد الثورة "خامنئي"؟ تمزق صوره وتمثل بشعاراته التي ملأت الميادين والساحات؛ وتحرق المؤسسات الدينية والمدنية التابعة له، والحرس الثوري، والبنوك، وحكومة رئيسي، فرفعت شعارات مضادة، بل ومزقت وأحرقت ونهبت ما طالته أيادي المنتفضين.
إن الفساد الذي تورطت فيه مؤسسات تابعة للمرشد الأعلى خامنئي، وجرائم النصب والاحتيال وسرقة المدخرات المالية من طرف مؤسسات مالية يديرها الولي الفقيه، شكلت وسط عيش ذليل الانفجار والغضب بهذه السرعة وبهذه الحدة، هذه المعطيات، قد تكون "فرصة سياسية" لا تكون سببا للانتفاض في أي بلاد العالم، لكنها وبفعل عملية "إضفاء المعنى" بخصوص مفهوم "الظلم" في حالة إيران كان سبباً للانفجار الحالي، وحتما سيساعد في تقديم قراءة أقرب إلى الإنصاف لحالة شعب يدفع لوحده ثمن استقرار نظام الحكم الظلامي فيه.
لقد سيطر الحرس الثوري الإيراني، وهو العصى الغليظة بيد الولي الفقيه، وعن طريق هذه العصى الغليظة سيطر على أكثر من 40 بالمائة من الأنشطة الاقتصادية في البلاد، وتتنوع المؤسسات الاقتصادية التي يديرها من الفلاحة إلى الصناعة إلى التكنولوجيا، وبطبيعة الحال السكن والمصارف والمواد الاستهلاكية.
في عام 2015 عاشت عدد من المؤسسات المالية التابعة للحرس الثوري صعوبات مالية انطلقت معها موجة احتجاجات محدودة بسبب حرمان العاملين من الأجور، تطورت فيما بعد إلى حرمان المشاركين من الأرباح، وحتى من استعادة أموالهم المودعة.
ووفق المعطيات أعلاه، يقول السياق الداخلي الإيراني، إن الفساد الذي تورطت فيه مؤسسات تابعة للمرشد الأعلى للثورة، وجرائم النصب والاحتيال وسرقة المدخرات المالية من طرف مؤسسات مالية يديرها خامنئي، شكلت وسط عيش ملائم لانفجار الغضب بهذه السرعة وبهذه الحدة.
هذه المعطيات، قد تكون "فرصة سياسية" لا تكون سببا للانتفاض في أي من بلاد العالم، لكنها وبفعل عملية "إضفاء المعنى" وتكثيفه بخصوص مفهوم "الظلم" في حالة إيران كان سببا للانفجار الحالي، وحتما سيساعد في تقديم قراءة أقرب إلى الإنصاف لحالة شعب يدفع لوحده ثمن استقرار نظام حكم ديكتاتوري ظلامي لأربعة عقود عجاف.
إن الغضب الشعبي الحاد والعارم الذي عبر عنه المواطن الإيراني، لا يمكن تبخيسه أو التقليل من حجمه، فهو كما نراه ككرة الثلج يكبر ويتدحرج إلى الأمام بقوة لاجتثاث هذا النظام الظلامي العفن، الذي شكل قلقاً للجماهير الإيرانية ولجيران إيران، فقد انعكس فقراً وجوعاً وتخلفاً في داخل إيران، وإرهاباً تزرعه يد إيران في دول الجوار، حيث تناصب الشعوب في المنطقة العداء خدمة لأنظمة تقتل شعوبها وتدمر بنيانها وعمرانها، وهذا ما فعلته وتفعله إيران الخمينية في كل من العراق وسورية ولبنان واليمن.
نشد على يد الانتفاضة الإيرانية ونؤيدها وندعمها وندعو لها بالانتصار على عدوها وعدونا، لعل الشمس تشرق على منطقتنا مجدداً، وتخلف السنين الظلامية العجاف وراءها وإلى الأبد إن شاء الله.
المصدر
*الجزيرة نت-10/1/2018
*إيران أنتر نيشيونل-10/8/2022
وسوم: العدد 1001