إشهار موقف.. وستبقى جماعة الإخوان المسلمين- إن شاء الله- حاضرة في الميدان.. لا يضرها كيد الكائدين..

إشهار موقف.. وستبقى جماعة الإخوان المسلمين- إن شاء الله- حاضرة في الميدان.. لا يضرها كيد الكائدين..

ولا يُقعدها عن دورها بغي البغاة، ولا تقاعس المتقاعسين..

ولقد حملت هذه الجماعة بفضل الله عليها، راية دعوة الاسلام الحق بالحق، على مدى قرن من الزمان؛ في مصر والشام والعراق وكثير من بلاد العرب والمسلمين..

ولقد شاركت هذه الجماعة منذ تأسيسها مع الخلص الناصحين، من القيادات الوطنية الحرة، في التصدي لكل مشروعات الاستعمار الظاهرة والخفية، فتصدت للكيد، وفضحت المكر، وأسقطت الشعارات المزخرفة والمموهة تحت شعارات وعناوين.

وتصدت هذه الجماعة ثانيا لمشروعات الاستبداد والفساد ظاهرة وخفية، يرعاها ويقوم عليها فئات من المفسدين، وفئام من المنتفعين، فنافحت وصاولت ما وسعها الجهد مع من كتب الله لهم شرف هذا الجهاد، وما تزال وما يزالون..

ولقد تصدت هذه الجماعة -ثالثا- مع لفيف من علماء الإسلام وحكمائه من أصحاب البصيرة، لمشروعات تجزئة الإسلام، وجعل كتاب الله عضين، كما لاختلاطات وترسبات القرون في حياة المسلمين، من اعتقادات منحرفة، وعادات آثمة بالية، ما أنزل الله بها من سلطان، خلطها أهل الجهل بالدين، وأضفوا عليها ألوانا من القداسة، منها ما يخص الرؤية العقدية الكلية في التوكل والتواكل، والدروشة والملامتية الظاهرة والخفية، ومنها ما يخص حياة الرجال، ومنها ما يصحح واقعا اجتماعيا مثخنا آل إليه أمر النساء ..

ثم سبقت جماعة الاخوان المسلمين بفضل الله عليها، وعبر نخبة طيبة من علمائها وحكمائها إلى التصدي لفكر الغلو ثم فقه الغلو ثم مناهج الغلاة وطرائقهم وأساليبهم ووسائلهم، وخلابات دعواتهم في خداع جماهير المسلمين..

في كل ما ذكرنا، وخلال قرن مضى ومنذ تأسيسها على يد الامام البنا رحمه الله تعالى، ظلت جماعة الاخوان المسلمين، الفقه والفكر والدعوة والطريقة والوسيلة والأسلوب، حاضرة في فضاء الأمة…ونسأل الله العظيم لها الثبات والبصيرة وأن يرزقها في كل ميدان دوام الحضور..

لقد كانت جماعة الاخوان المسلمين خلال قرن مضى للأمة أجمع حصنا ودرعا ورأس رمح، ومدرسة نَصَفَة وحكمة وبعد نظر، تسير على الواضحة التي خلفها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحمل رسالة الاسلام السمحة الرحمة للعالمين، تشتق مشروعها الاسلامي من راهنها الوطني، في كل قطر، وتتقدم به إلى كل الناس دعوة إلى الحكمة بالحكمة، وإلى الخير بالخير..وإن أبى الظالمون إلا …

وكان داء الغلو ومناهج الغلاة أفتك سلاح حوربت به هذه الجماعة، بل حورب به الإسلام والمسلمون في الماضي والحاضر على السواء. ..

وكان كتاب المرشد الثاني للجماعة، المستشار حسن الهضيبي رحمه الله تعالى "دعاة لا قضاة" السهم الأول الذي انطلق من أعماق الزنازين في سجون عبد الناصر للتصدي لهذا الفكر المنحرف" يمرق مقتنعوه من الدين كما يمرق السهم من الرميّة. ويتشاركون مع أصحاب الفكر الهدام الهدف والمشروع.

وانتقل هذا الوباء واستطار، بتأثير عوامل، وتهيئة مزارع؛ عقلا وفقها وفكرا ومدارس وتنظيمات تمت رعاياتها، والافساح لها، لتكون معول هدم في عقول أبناء الأمة، وذريعة للعدوان عليهم، والنيل منهم؛ من الذين جعلوا من الغلاة ذريعة وستارا وأداةً للحرب على الاسلام والمسلمين..

وفي هذا المناخ المتأجج الملتهب يحتاج المسلمون اليوم أكثر ما يحتاجون إلى إدراك حقيقة الرسالة الرحمة، والرسالة الحكمة، والوسيلة الحسنة، وشعار جامع يظلل كل الناس (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)

وهذا لب دعوة الاسلام وجماع شريعته ورسالته ودعوته لأتباعه ولمخالفيه على السواء.

يصغي المسلمون اليوم على أرض سورية الحبيبة، يفتقدون الصوت الحازم المعلم الموجه يدعوهم، ويبين لهم وقد أخذ على أصحابه العهد (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) لا تكتمونه رغبة ولا رهبة ولا تهاونا ولا تكاسلا ولا ركونا إلى حسابات..!!

يحتاج المسلمون اليوم ولا سيما على أرض سورية الحبيبة، حيث كثر الهرج، واختلط حق الناس بباطلهم، إلى من يؤكد أن موقف الدعاة الصادقين من الغلاة جميعا هو موقف من رؤية، ومن مشروع، ومن فقه، ومن فكر، ومن نهج، ومن وسائل وأساليب..

وأن دعوة الإسلام الحق ترفض هؤلاء مهما كانت راياتهم أو عناوينهم او ادعاءاتهم لأنها ترفض رؤيتهم الماضوية التاريخانية الطوباوية، الغارقة في أحلام ألف ليلة وليلة، وحكايات السندباد، وقصة الشمشوم ودليلة..

ثم لأنها ترفض فقههم الظاهري المنغلق، الذي يقيد النظر بأرنبة الأنف، فلا يرى أبعد منها لا في دلالة ولا في مقصد ولا في أفق أبعد..

ثم لأنها ترفض تنزيلاتهم لهذا وذاك على الواقع، واختيارهم أهدافهم ووسائلهم وأساليبهم بطرائق يأباها فقه الاسلام وشريعة الاسلام..

ثم لانهم بطريقة ما اختاروا لأنفسهم مكانة الرهبان والأحبار بفرض أنفسهم على الناس وكلاء عن الله كما يزعمون..

ولهذه الأسباب مجتمعة يجب ان يجهر صوت دعاة الحق بالحق فيعلن أننا نرفض هؤلاء، ونرفض كل ما يصدر عنهم مما هو في هذا السبيل الذي ذكرنا..

وبناء على ذلك يجب أن نرفض كل من نهج نهجهم، وفقه فقههم، واتبع طرائقهم ووسائلهم وأساليبهم، مهما اختلفت العناوين، وتعددت الرايات، نرفضهم حتى ولو قبلهم غيرنا وتعامل معهم..

ومشروعنا الإسلامي هو تعبير عن رؤيتنا الإسلامية المعاصرة المتجددة للإسلام، وشجرته الطيبة التي تثمر دائما ما ينفع الناس..

آمنا وما زلنا نؤمن أنه حيثما كانت المصلحة الشرعية المعتبرة فثم شرع الله. وأن شريعة الله رحمة كلها، عدل كلها، مصلحة كلها. وأن جوهر الرسالة التي جاء بها محمد صلى الله عليه في قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) وقوامها (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)

ومشروعنا الاسلامي في سورية فوق كل ذلك مشروع وطني سوري، ونستمد مشروعيتنا الوطنية، من اختيار شعبنا وقرراه، ولا نعتقد أننا وكلاء على الناس، إن قدّمنا الاختيار الوطني تقدمنا، وإن حجب ثقته عنا، رجعنا إلى مصاف الدعاةالمبلغين، المقنعين.. بالحكمة والموعظة الحسنة

تحتاج جماعة الاخوان المسلمين في هذا الفضاء الذي تتجاذبه مثل الريح الصفراء إلى من يعلن أنها كما كانت مع الكثير من المخلصين من أبناء هذا الوطن ضد الظالم المستبد المفسد في الأرض؛ ستكون في يومها وفي غدها ضد كل فريق يقتل الناس، ويعتقل الناس، ويعذب الناس؛ مهما كان العنوان، ومهما كانت الخلفية والدعوة والادعاء؛ وفرزالناس يتم حسب مناهجهم وطرائقهم وسلوكهم، وليس حسب شعاراتهم وراياتهم وادعاءاتهم..

يحتاج السوريون أن يسمعوا من يقول لهم، باسم الذين ما قالوا عبر تاريخهم الطويل الا عدلا وقسطا

لسنا مع هؤلاء الغلاة، ولا نحن منهم، ولا نقبل بطريقتهم مهما زخرفوها وزينوها وخادعوا من خلفها..بل نحن معكم وبكم ومنكم لا نخذلكم في ساعة عسرة أبدا نبذل ما في وسعنا ونستمد منكم ونعتذر عن قصر اليد وقلة الحيلة .. ونحتال على الضعف بالدعوة الى التعاون على الخير الجامع الذي يعم.

وأننا لا نفرز الغلاة على العناوين فقط، بل على المناهج والطرائق والأساليب أيضا..

والذين يقتلون الأبرياء والنساء والأطفال ويعذبون الناس فيجلدون ظهورهم، ويلسعون أبشارهم لسنا منهم، وليس من الإسلام في شيء..

وما أردنا أن نستبدل ظالما بظالم، ولا مفسدا بمفسد. وإن أردنا إلا الحسنى

اللهم وارزقنا العزيمة على الرشد.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1002