سكوت وزارة الشأن الديني على إنكار منكر تشجيع بذاءة اللسان بذريعة حرية الفن
من المفارقات أن الوزارة الوصية على الشأن الديني عندنا تسارع ، ولا تتريث في عزل الخطباء والوعاظ إذا ما انتقدوا ما يتعارض مع قيمنا الدينية والأخلاقية، لكنها في المقابل لا تحرك ساكنا حين يقع ما يمس بهذه القيم باسم حرية الفن والفنانين أو غيرهم ممن يفسدون في البلاد ولا يصلحون ، بل تصم أذنها كما حدث مؤخرا حين فسح المجال لمغني الراب الذي أطلق لسانه بالبذاءة في حشد من الناس فوق ركح أو منصة دون وازع ديني أو خلقي، ودون رقابة بل بتشجيع من وزير الثقافة المؤيد بوزير العدل بالرغم من استنكار الرأي العام الوطني ما حدث بشدة فضلا عن استنكاره موقف الوزيرين .
ولقد كان من المفروض أن توجه الوزارة الوصية على الشأن الديني مذكرة إلى الخطباء تحثهم فيها على تذكير الناس بموقف الإسلام من بذاءة اللسان ومن الفحش والتفحش، لكنها مع الأسف لم تفعل مع أنها هي التي توافيهم بين الحين والآخر بمذكرات تحثهم فيها على تناول موضوعات لا يستدعي الأمر أن تثار فوق المنابر من قبيل الحديث عن أهمية ملح الطعام أو أهمية إرضاع الأمهات أولادهن حليب أثدائهن ... لأنها من البديهيات المعلومة بالضرورة من أمور الحياة خصوصا حين تعج هذه الحياة بما يجب على المنابر التصدي له بالمعالجة من أمور تمس تدين الناس وأخلاقهم وقيمهم في الصميم.
ولقد أخطأ وزير الثقافة حين مكّن محسوبا على الفن ـ وهو في الحقيقة محض عفن ـ من المجاهرة ببذاءة لسانه ،وبشرب المسكر ، وتدخين المخدر ، ونزع لباسه أمام جمهور من ضحايا الأغرار ليكون لهم إسوة سيئة. ولم يقف الوزير عند هذا الحد بل تجاوزه إلى لدفاع عنه بذريعة حقه في الحرية باسم الفن التي يتمتع بها المحسوبون على الفن، والتي لا حظ فيها للخطباء والوعاظ بالنسبة لوزير الشأن الديني مع أنه لا مقارنة بين أولئك وهؤلاء مع وجود الفارق .
ولما اتسعت دائرة انتقاد فنان الراب، وانتقد بشدة موقف وزير الشأن الثقافي أصر هذا الأخير على زلته، ولم ييبد ندما عليها ،ولم يعتذر بل جاء بعذر أكبر من الزلة كما يقال مصرا على أنه لا رقابة على فنان .
ولم تقتصر الزلة على وزير الشأن الثقافي بل تعدته إلى وزير العدل الذي أمضى على بياض ببراء مغني الراب وحقه في حرية الاستهتار بالقيم الأخلاقية قبل أن يقول القضاء كلمته فيه .
و الغريب أن وزير الشأن الديني لم يحذ حذو زميليه ، وهو الذي لا يتردد طرفة عين في القضاء السريع والمبرم بعزل الخطباء والوعاظ حين ينتقدون ما أوجب الشرع انتقاده من أمور ينكرها كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ولا غرابة إن ضم وزير الشأن الديني صوته إلى صوت زميليه وزير الثقافة ووزير العدل في الدفاع عن حرية الفنانين ، واعتبر من ينكرها من الخطباء متطرفا كما فعل من قبل مع منتقدي المهرجانات الماجنة ، وقد يوجه مذكرة إلى خطباء الجمعة يأمرهم فيها بالحديث عن مشروعية حرية الفن خصوصا وأنه فنان أيضا قد سجل اسمه في لائحة أهل الفن بروايته " جارات أبي موسى" والتي مارس في إبداعها كامل حريته دون رقابة مع ما فيها من تهريف وتخريف ينسب إلى الدين وهو منه براء .
والأغرب من سكوت وزير الشأن الديني على إشاعة البذاءة باسم الفن في البلاد سكوت السادة العلماء الذين يعملون تحت سلطته أيضا مع أنه كان من المفروض أن يكونوا على رأس المنددين بذلك لأنهم قدوة بحكم الأمانة التي قلدهم الله تعالى وبحكم فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولئن عجز هؤلاء السادة العلماء عن انتقاد مغني الراب، فهم أشد عجزا عن انتقاد من هم أخطر منه على سلامة اعتقاد الأمة ،و صحة واستقامة تدينها .
وسوم: العدد 1003