الغاء قوانين معاقبة مقاطعي إسرائيل في أمريكا حق يكفله الدستور الأمريكي
على الرغم من تأييد الإدارة الأمريكية المطلق لحكومة لاحتلال الإسرائيلي وسياستها العدوانية للقضية الفلسطينية والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، تنشط كبرى المنظمات الحقوقية في الولايات المتحدة الأمريكية، ضد الإجراءات والقوانين الأمريكية التي تقضي بمعاقبة مقاطعي "إسرائيل"، وفي هذا الصدد رفعت كبرى المنظمات الحقوقية في الولايات المتحدة الأميركية خلال الأسبوع الماضي قضية أمام المحكمة الفدرالية العليا، تطالب بمراجعة حكم صدر عن المحكمة العليا في ولاية أركنساس يسمح بمعاقبة الشركات التي تقاطع "إسرائيل."
حيث تقدم الاتحاد الأميركي للحريات المدنية (ACLU) بالتماس يطلب من المحكمة العليا النظر في القضية، كون قرار محكمة الاستئناف في أركنساس ينتهك التعديل الأول للدستور الأميركي الذي يحمي الحق في حرية التعبير. وجاء في الالتماس الذي قدمه محامو اتحاد الحريات المدنية إنه "عندما تقرر ولاية حق معاقبة من يقاطعون جهة ما بعقوبات خاصة كما فعلت ولاية أركنساس هنا، فإن ذلك لا ينتهك فقط الحق في المقاطعة بل أنه ينتهك أيضا الحق الأساسي الذي يفرضه التعديل الأول على التمييز في المحتوى ووجهة النظر".
يذكر إن عديدا من الولايات الأمريكية تستخدم القوانين والأوامر التنفيذية الخاصة بمناهضة المقاطعة لمعاقبة الشركات التي ترفض التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأرضي الفلسطينية المحتلة. فقد تبنّت 27 ولاية قوانين أو سياسات تعاقب الشركات أو المنظمات أو الأفراد الذين يشاركون في مقاطعة إسرائيل أو يطالبون بذلك. لا تستهدف القوانين أو السياسات في 17 من تلك الولايات بشكل صريح الشركات التي ترفض القيام بأعمال تجارية داخل إسرائيل أو معها فحسب، بل تستهدف أيضا الشركات التي ترفض القيام بأعمال تجارية في المستوطنات الإسرائيلية، بعض الولايات التي لا تنطبق قوانينها بشكل صريح على المستوطنات عاقبت أيضا الشركات التي قطعت علاقاتها بالمستوطنات.
أما الولايات التي تعتمد قوانين مناهضة لـ "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" فهي "ألاباما، أريزونا، أركانساس، كاليفورنيا، كونيتكت، فلوريدا، جورجيا، أيداهو، إيلينوي، إنديانا، آيوا، كنساس، لويزيانا، مريلاند، ميتشيغان، مينيسوتا، ميسيسيبي، نيفادا، نيوجيرسي، نيويورك، نورث كارولاينا، أوهايو، بنسلفانيا، رود آيلند، ساوث كارولاينا، تكساس، وويسكونسين".
تعتبر قوانين مناهضة المقاطعة في الولايات المتحدة هي جزء من حملة تتصاعد عالميا بقيادة "إسرائيل" وداعميها لمحاربة المؤيدين المحتملين لحركة المقاطعة، ويذكر أن حركة المقاطعة تدعو إلى مقاطعة "إسرائيل" حتى تُنهي الاحتلال، وتقرّ بالحق المعترف به دوليا للاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي طُردوا منها.
اعتمد "الكنيست" الإسرائيلي عام 2011 قانونا يسمح للأشخاص برفع دعاوى وطلب جبر الضرر ضدّ كل من يدعو علنا إلى مقاطعة "إسرائيل"، التي تُعرَّف على أنها تشمل المستوطنات.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، أيدت محكمة استئناف فيدرالية أميركية، قانون ولاية أركنساس الذي يطالب جميع المتعاقدين العموميين بأن يتعهدوا بأنهم لن يقاطعوا "إسرائيل"، مما ألغى حكماً سابقاً بأن التشريع ينتهك التعديل الأول في الدستور الأميركي. وفي عام 2017، أمرت ولاية أركنساس جميع الوكالات العامة بعدم التعامل مع المقاولين ما لم يؤكدوا أنهم لا يقاطعون "إسرائيل".، وتعقيبا على القرار قال بريان هوس، محامي الموظفين في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، إن رأي القضاة كان خاطئاً، مضيفًا أنهم يعتزمون استئناف القضية في المحكمة العليا. وقال هوس عن القرار "إنه يتجاهل حقيقة أن هذا البلد تأسس على أساس مقاطعة البضائع البريطانية وأن المقاطعات كانت جزءاً أساسياً من الخطاب السياسي الأميركي منذ ذلك الحين". وأضاف: "نأمل ونتوقع أن المحكمة العليا ستضع الأمور في نصابها الصحيح وتعيد تأكيد التزام الأمة التاريخي بتوفير حماية قوية للمقاطعات السياسية".
علما أن "مجلس الشيوخ" الفيدرالي قد أقر في يناير/كانون الثاني 2019، مشروع قانون يدعم مناهضة الولايات للمقاطعة، بما فيها تلك التي تشمل النشاط التجاري في المستوطنات، بعد ذلك قدم مشرّعون فيدراليون قرارات في مجلسَيْ الشيوخ والنواب
لإدانة مقاطعة إسرائيل، لكن لم تصبح أي من هذه المبادرات قانونا فيدراليا بعد.
ان مبادرة الاتحاد الأميركي للحريات المدنية(ACLU) التقدم بالتماس يطلب من المحكمة العليا النظر في القضية، يشكل خطوة هامة لإلغاء قرار معاقبة مقاطعي "إسرائيل"، كون قرار محكمة الاستئناف في أركنساس ينتهك التعديل الأول للدستور الأميركي الذي يحمي الحق في حرية التعبير، وهو يتناقض أيضا مع حق الأفراد في التعبير عن آرائهم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما فيها حقهم المشاركة في المقاطعة، لأنها شكل مشروع من أشكال التعبير، تحميها المادة 19 (2)" من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، علما أن التشريعات المناهضة للمقاطعة "تهدف بوضوح إلى مناهضة التعبير السياسي" وإن "العقوبات الاقتصادية المصممة لقمع وجهة نظر سياسية معينة" لا تفي بالشروط المنصوص عليها في العهد الدولي لفرض قيود على حرية التعبير.
وسوم: العدد 1003