التسول من أجل اقتناء المخدر والمفتر والمسكر
من الظواهر اللافتة للنظر في مجتمعنا شريحة من المتسولين يتكففون الناس في الشوارع ، والأسواق ، والمقاهي، والمطاعم ،وأمام المحلات التجارية، وعند إشارات المرور الضوئية ، وعند بوابات المساجد ...، وهم يفعلون ذلك ليس لسد رمق الجوع بل لتعاطي التدخين والتخدير والسكر والهلوسة . ويعرف هؤلاء بسيماهم، وقد لا يخفون القصد من وراء تسولهم ، فيطلبون مباشرة السجائر من المدخنين والكحول من السكارى ، ومنهم من يحمل في يده قنينة خمر اوكحول أو خرقة مضمخة بسائل مخدر أو مهلوس ... إلى غير ذلك من التصرفات الكاشفة عن هذه الشريحة المتسكعة في الشوارع .
وقد ترق بعض القلوب لهذه الشريحة، فتعرض عليها الطعام والشرب لكنها ترفضهما وتعبر صراحة عن رغبتها في الحصول على قطع نقدية لاقتناء ما يتلف عقولها ويزيد من تغييبها عن وعيها ، وغالبا ما لا يسلم من لا يستجيب لطلبها من شتائمها وسبابها وقد يصل الأمر حد الاعتداء عليه وتعنيفه بسبب حرمانها مما تريده من مال ، وبسبب إلحاح أدمغتها على إشباع ما تحتاجه من عينات التخدير والتسطيل ، وتتفاوت عناصر هذه الشريحة في درجة العدوانية والاعتداء .
والمؤسف أن بعض الناس يتعاطفون معهم تعاطفا في غير محله حين ينهرون وهم يسبون ويشتمون من لا يقدم لهم ما يرغبون فيه بذريعة أنهم محاويج ومساكين ، وأنهم أهل بلاء وابتلاء مع أن ديننا الحنيف يحث على إطعام الطعام لهؤلاء مصداقا لقوله تعالى : (( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا )) ، وينهى عن الإنفاق من الخبيث مصداقا لقوله تعالى : (( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون )) مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ، ولا يتصدق به فيقبل منه " . ولا شك أن هذا الحكم ينطبق أيضا على من ينفق من مال حلال على ما حرّم الله تعالى ، وهو صرف الطيب من أجل تحصيل الخبيث ، وأنى يكون صرف المال على من يدخن ، ويتعاطى المخدر ، ويشرب المسكر إنفاقا وصدقة ؟
يجب ألا يفهم من إثارة موضوع هذه الشريحة من المتسولين أننا نعاديها أو نشمت بها أو نحتقرها أو نحرض عليها بل نحن نرفض ونشجب من يشجع أفرادها على تدمير صحتهم والتعجيل بهلاكهم . ومن كان يدعي الرأفة والرحمة بهؤلاء فعليه إن يسعى ويبذل الجهد من أجل علاجهم من آفة التدخين والتخدير والسكر وذلك من خلال نصحهم بالتوجه إلى مراكز علاج الإدمان أو الأخذ بأيديهم من خلال مصاحبتهم إليها ، ومتابعة أحوالهم إلى أن يتخلصوا منها نهائيا أما الإنفاق عليهم من أجل تأزيم أحوالهم فليس من الرحمة والرأفة والإحسان في شيء ، ومن ادعى عكس ذلك فنقول له ما قال الله تعالى لمن ينفق الخبيث (( ولستم بآخذيه ))، ومن لا يقبل لنفسه التدخين والتخدير والسكر أو لأقاربه فعليه ألا يقبل ذلك لغيرهم .
و أخيرا نقول من كان يرغب حقيقة في تقديم خدمة لهذه الشريحة، فليساهم بالتبرع على مراكز علاجها من آفة إدمان المخدرات والمسكرات عوض توسيع قاعدتها بتشجيعها على التردي في الإدمان بما يظن أنه إحسان ومعروف، وهو في الحقيقة إساءة ومنكر وجرم .
وسوم: العدد 1004