من النخاسة إلى السياسة

كاظم فنجان الحمامي

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

سانزيانا بنت بوريانا (Sanziana Buruianaفاتنة شقراء من فاتنات رومانيا, لا يزيد عمرها على (23) ربيعاً, تألقت في عالم النجومية والأزياء, واشتهرت في الملاهي الليلية, فتسلحت برشاقتها وجمالها الأخّاذ, وطولها الفارع, وأنوثتها المتفجرة بالإثارة لتقتحم القلعة الرئاسية في بوخارست, وتهدد الأحزاب الرومانية في عقر دارها.

أسست سانزيانا حزبها (حزب الأنوثة والجمال) من الشقراوات والسمراوات والممثلات الحسناوات وعارضات الأزياء ونجمات الإغراء, وعقدت مؤتمرها التأسيسي الأول على البلاج بالمايوهات الساخنة, معلنة عن شعاراتها السياسية المشاكسة, ومهددة بتحقيق أهدافها الإستراتيجية, نحو استبعاد أصحاب الأجسام المترهلة والأوزان الثقيلة, وأصحاب الوجوه الكالحة من الوزراء والسفراء والمدراء, فالبقاء عند حزب سانزياتا للأجمل والأرشق والأخف والألطف.

لقد سبقتها الممثلة الإيطالية المتهتكة (تشيتشولينا Cicciolina) في تحدي الأوضاع الأوربية القائمة, وشقت طريقها إلى تجمعات المراهقين في روما وجنوة لتفسد حياتهم أكثر مما هي فاسدة, واستفادت من جاذبيتها في تحقيق بعض النفوذ السياسي, بيد أن الإيطاليين لم ينتخبوها عندما رشحت نفسها في الدورة الانتخابية اللاحقة, كانت بالنسبة لهم مجرد نزوة, أو سحابة ملونة عابرة.

ربما تفوز سانزيانا بالمناصب العليا مثلما فازت تشيتشولينا بعضوية البرلمان الإيطالي, فالناس في أوربا يتراقصون منذ زمن بعيد على إيقاعات طبول التغيير, وأنغام مزامير التجديد, ويميلون إلى ممارسة كل ما هو مثير ومختلف, لكنهم لم ولن يحيدوا عن المبادئ الثابتة في إرساء قواعد العدل والإنسانية, ولم ولن يخرجوا عن السياقات الصحيحة في تنفيذ برامج التربية والتعليم, ولم ولن يبتعدوا عن النظم الإدارية الصارمة, في اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب, ولن يدخلوا في حروب ومهاترات ومناوشات ونزاعات طائفية, باستثناء ما حصل في يوغسلافيا بعد انتهاء عصر زعيمها (جوزيف بروس تيتو).

لن تغير تشيتشولينا ولا سانزيانا من الثوابت الإدارية للبلدان الأوربية شيئاً, فالناس هناك بلغوا من النضج السياسي والتألق الإداري والاستقرار الاجتماعي والتفوق العلمي ما لم نبلغه نحن حتى الآن, ولن نصل إلى عشر معشار ما حققوه من منجزات عظيمة ما لم نتخلص من الرواسب الطائفية والعرقية والقبلية التي رافقتنا منذ عشرات القرون, وظلت تمزقنا بمخالبها حتى يومنا هذا.

ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين