الخطابة فن و صنعة
في هذا المقام يوجه الكلام لأهله، يوجه لمن يتولون مخاطبة الجمهور سواء كان أصحاب هذا المقام معلما أو إماما أو رجل دعوة أو رجل سياسة و حكم ، يوجه لمن يوظفون الخطابة في التبليع أو التعليم و الإرشاد و المناظرة ، نقول لهم الخطابة صنعة لها فنونها و آدابها .
قد وجدنا لفيف ممن يتصدرون هذا المقام يحيدون عن القصد ، يخاطبون الجمهور بلغة حوشية غربية تحتاج لترجمان ، و منهم من لا يعرف طينة الجمهور المخاطب فيخاطب الخاص بلغة العموم ، أو يخاطب جمهور المثقفين بلغة لا ترقى لمستوى أصحاب الدراية و الإختصاص .
و منهم يخاطبون الجمهور في مقامات التذكير بالبسط و الإطناب و الأمر يحتاج للايجاز و الاختصار ، أو يخاطبون الجمهور في أمور لا يترتب في مقامها عمل أو فائدة ، أو يخاطبون الجمهور بلغة العواطف و الإيثارة و المقام يحتاج للفكر و الفطنة و التبصر و الحكمة أو يخاطبون الجمهور في مسائل الخلاف فيصرفون المخاطب عن مسائل الجمع و الاتلاف و مسائل العمل و الانتاج .
و منهم ينحىون في خطاباتهم إلى الحشو و المقام يتطلب حصر الفائدة و ضبظ القصد ، لا هم لهم إلا أن يملأوا الفراغ فقط لزهادة البضاعة أو قلة الدارية ، و منهم من يغرقون في مسائل بعيدة عن اهتمامات الجمهور و انشغالاتهم ، فلا يعالجون واقع الناس و أحوالهم و حاجاتهم .
إن الخطابة أحبتي فن و صنعة قصدها ايصال الرسالة بأبسط طريقة و أسهل أسلوب ، فيها يصل المفهوم في وضوح ، تصل الفائدة لأصحابها دون مشقة بلغة واضحة ، ليس فيها غموض ، تغني المخاطب عن البحث و التقصي ، يصل فيها المقصود في غير ملل أو ضجر أو نفور بسبب ركاكة التغيير أو التطويل الممل ، و القصد أن يصل المقصود في جو من الإريحية و التشويق فلا يمل المخاطب ، بل تحمله رسالة الخطاب للاجتهاد ، ينقله لأجواء التأمل و البحث و التجاوب مع الرسالة الموجهة .
وسوم: العدد 1008