فاصنع ما شئت حين تستعجم علينا
وقالوا: لا حياء في الدين، ولا تصح مصادرة بعضهم لهذه العبارة، فإن المقصود منها كما هو واضح من سياقها، أنه لا حياء في سؤال الرجل أو المرأة عن أمر من أمر الدين مهما تكن خصوصيته.
وكذا قالوا: لا حياء في العلم، وكذا قصدوا انه لا يحق لطالب العلم ان يستحيي من السؤال عما لا يعلم، حتى يعلم، سواء كان المسؤول عنه من الأمور الصغيرة التي يعيب خفاؤها على مثله، فكيف يسأل الرجل الكبير عن الأمر الصغير؟؟ أو كان المسؤول عنه من الأمور المحرجة التي يستحيي من ذكرها الناس.
في الأحاديث الشريفة ورد مدح خالص للحياء، ومنها، والحياء شعبة من الإيمان. وأخص منه قوله صلى الله عليه وسلم: الحياء لا يأتي إلا بخير.
وذهب علماء الأخلاق وأهل الحكمة الى التمييز بين نوعين في أضمومة الحياء، فتحدثوا عن الحياء المحمود، والخجل المذموم. ورأو أن مبعث الأول حالة من الاستعلاء النفسي، تبعث المرء، على التسامح والتغاضي، والاشتغال بالمعالي والترفع عن الدنايا، ومبعث الثاني "الخجل" حالة من الشعور بالنقص والقصور، تجعل المرء يحجم أو يضطرب لأنه يرى نفسه دون، أو أقل من مقام يصير فيه..
أسير بكم كلَّ هذا لأسأل: وهل من حياء أو خجل في السياسة؟؟
أن يجد الانسان نفسه من أجل مصلحة خاصة أو عامة يقدرها، لنفسه او تقدرها له بطانته، يغمس من صحن واحد مع رجل ازدراه، وذهب كل واحد منهما في ذم الآخر وتحقيره كل مذهب، ثم لم يمنعه حياء ولا خجل، ولن أقول عقل ولا خلق من أن يجددا ما أخلقا…
كثيرا ما نقول ليس من السهل "ترييض القضايا" أي جعل المعادلات الانسانية، معادلاتٍ رياضية، واتباع المصلحة التي يعبر عنها دليل الكم في الكتلة أو الحجم.
وأحيانا يقول العقلاء الحصفاء من أهل الحياء والعفاف، إن كان لا بد لكم من هذا فليتول أمره رجل غيري!!
وأشد ما جاء من الأحاديث في التشديد في أمر الحياء، قوله صلى الله عليه وسلم: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت"
وسوم: العدد 1009