فرحة الرئيس الفرنسي نغصها عليه تشبث المغاربة بهويتهم الدينية خلال المقابلة التي جمعت بين أسودنا وديكته
لو كان في وجه الرئيس الفرنسي ماء كما يقال لما شد الرحال إلى دولة قطر لحضور مقابلة نصف نهاية كأس العالم بين فريقه الذي جل لاعبيه من أبناء القارة السمراء التي نهبت، ولا زالت خيراتها ومقدراتها تنهب إلى يومنا هذا من طرف فرنسا صاحبة الماضي الاستعماري المقيت، وعلى رأس تلك المقدرات العنصر البشري الذي تفتقر إليه بلاده حتى في مجال الرياضة حيث يتكون المنتخب الفرنسي من أغلبية لاعبين أفارقة اضطرتهم ظروف بلدانهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية السيئة بسبب استبداد أنظمة شمولية أقرتها فرنسا الاستعمارية للهجرة إليها من أجل لقمة عيش ممزوجة بالدمع والعرق والمعاناة في ظل عنصرية بغيضة .
كان على الرئيس الفرنسي أن يخجل من نفسه واللاعبون من أبناء القارة السمراء يدافعون عن مرماه، ولولاهم لغادر فريق بلاده المونديال مبكرا كما غادرته فرق هي أقوى وأعتى من فريقه ، ولكن كما يقول شاعر العرب الحكيم أبو الطيب المتنبي :
على قدر أهل العزم تأتي العزائــم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
فكم هو صغير فوز صنعه أبناء القارة السمراء لفرنسا ، وجنى ثمرته الرئيس الفرنسي الذي ينطبق عليه قول الشاعر الحطيئة حين هجا زميله الزبرقان :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
وكان على الرئيس الفرنسي أن يبكي كما بكى الزبرقان الذي آلمه هذا الهجو المذقع وإن كان الخليفة الفاروق رضي الله عنه قد حاول التخفيف عنه من شدة وقعه القاسي في نفسه ،مستعينا بالشاعر حسان بن ثابت رضي الله عنه عسى أن يقنعه بأنه قد مدح ولم يذم إلا أن حسان لم يجد له مخرجا، ولعل الزبرقان يكون قد مات كمدا . وأنى للرئيس الفرنسي أن تكون له كرامة ككرامة الزبرقان فيموت كمدا وهو يستعين بأبناء القارة السمراء ؟
إن الذي يعنينا في هذا المقال هو ما نغص على الرئيس الفرنسي فرحته بالفوز وهويتابع الجمهور المغربي الذي رفع عقيرته بتوحيد الله عز وجل ، والصلاة والسلام على رسوله الكريم معلنا تشبثه بهويته الإسلامية معتزا بها ناقلا إلى ا المستجير بسمر القارة السمراء رسالة مفادها أنك لن تنال من المغاربة، ولا من المسلمين ، وأنك وأنت تدافع عمن أساءوا إلى رسولهم صلى الله عليه وسلم برسومهم المنحطة، ينطبق عليك قول شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت رضي الله عنه لمن حاول الإساءة إلى شخصه الكريم قبلك في الزمان الأول :
أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء
إننا نعرف جيدا أن الرئيس الفرنسي قد عاش لحظات عصيبة وصوت المغاربة بالتوحيد يصم أذنه ، ونراهن على أنه لم يتابع المباراة مع ما كان فيها من إثارة خلقها أسود الأطلس ، وعكسها وجوم وجه مدرب فريقه ، ووجوه لاعبيه والأسود تحوم حول حمى مراماهم تهدده ، ولولا أعطاب بعض الأسود لكان يومه أسود .
ولئن أقصي فريقنا الباسل ،وهو اقصاء مشرف بعد بلوغ النصف الذي بكى من أجل بلوغه نجوم كرة القدم ، فإنه قد كسب الكثير، وفعل فعله في قلوب العرب والمسلمين، وكل شرفاء العالم ، وحطم أسطورة ما كان يعتبر من ضرب الخيال ، وبرهن على أنه ليس كذلك ، وحرر القارة السمراء سودانها وبيضانها من عقدة الشعور بتفوق القارة العجوز ، وتبخّرت كذبة ذلك التفوق المزعوم .
وأكبر مكسب حققه فريقنا البطل ،هو الكشف عن رغبة العرب وإصرارهم على تحرير أرض الإسراء والمعراج وقد رفعت أعلامها عالية ورفرفت، وانتكست أعلام الشواذ ،وأعلام المعتدين، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .
وسوم: العدد 1010