دلالة الحفاوة بالأمهات المغربيات اللواتي ولدن من صنعوا فرحة وطنهم بما حققوه من نتائج باهرة
دلالة الحفاوة بالأمهات المغربيات اللواتي ولدن من صنعوا فرحة وطنهم بما حققوه من نتائج باهرة نالت إعجاب كل منصف في العالم وغاضت كل حاسد
لقد كان مشهد الأمس ما بين مطار سلا الرباط وبين القصر الملكي العامر وعناصر فريقنا الوطني يترجلون من على متن الطائرة التي أقلتهم من دولة قطر إلى وطنهم ، ويمتطون بعد ذلك حافلة مكشوفة بلون العلم الوطني، وهم يلوحون بأيديهم ، ويبادلون التحية جماهير غفيرة اصطفت على طول الطريق من المنطلق إلى الوصول مشهدا في منتهى الروعة تقشعر له الجلود ، وتلين له القلوب ، وقد تابعه المغاربة في كل ربوع المملكة وهو منقول نقلا حيّا ، كما تابعه كل العالم .
ولقد كان حدث عناق لاعبي فريقنا الوطني في قطر أمهاتهم عقب كل المباريات التي خاضوها لافتا للأنظار ، وقد تحدث عنه أجانب منصفون بإعجاب كبير ، وسموه دفئا أسريا معدوم في البلاد التي لا تعيره اهتماما ، وقد انصرفت عن قيم إنسانية سامية ، واستبدلتها بقيم بديلة لا ترعى لذلك الدفء الأسري قدرا . ولقد بلغ الأمر بأحدهم حد مطالبة قومه بالاقتداء بالمغاربة في التعامل مع الأمهات والآباء ، وتم تداول كلامه عبر فيديو انتشر على أوسع نطاق .
ولقد كانت مرافقة أمهات اللاعبين لأولادهن في قطر دعما نفسيا له دور في غاية الأهمية بالنسبة للنتائج المحققة والتي لم تكن متوقعة ، ذلك أن لاعبي فريقنا الوطني كانوا يخوضون المباريات وعيونهم على أمهاتهم في المدرجات ، وكان ذلك إمدادا معنويا لهم يزيدهم حماسا ، وصمودا ،واستماتة من أجل تحقيق الفوز . وكان العناق بين اللاعبين وأمهاتهم عقب كل مباراة يجسد شعورهم بذلك الإمداد .
ولقد عمد بعض من تناولوا ما حققه فريقنا الوطني بالتحليل إلى ذكر وجود تلك الأمهات كعامل مهم لعب دورا بارزا في صنع الفوز إلى جانب عامل ذكاء وخبرة المدرب ، وعامل استماتة اللاعبين ، وعامل دف المشجعين الذي لم يقل أهمية عن إمداد الأمهات معنويا .
وجاء حدث الأمس وقد رافقت أمهات اللاعبين أبناءهم خلال حفل الاستقبال الذي خصص لهم ، وكانت الجماهير الغفيرة تحيي الأبطال ومن ولدن الأبطال وقد ساهمن في صنع البطولة بحضورهن الداعم والمساند والحاضن لهم .
ولقد كان لاستقبال تلك الأمهات من طرف عاهل البلاد رفقة ولي عهده ، وشقيقه دلالة خاصة كشفت عن قيمة الأمهات في بلادنا سواء لدى قيادتنا الرشيدة أو لدى شعبنا . ولا شك أن ذلك المشهد المهيب قد أحدث الأثر البالغ في نفوس المغاربة جميعا ، وكان الاحتفال أكثر من مجرد احتفال بفوز كروي بل كان احتفالا بالأمومة الرؤومة . ولم يجد المغاربة ما يقابلون به شكر تلك الفرحة الكبرى التي أدخلتها تلك الأمومة إلى قلوبهم قرابة شهر سوى تلك الأيادي الملوحة لها بالشكر والامتنان على طول المسافة ما بين المطار والقصر ، والألسنة تلهج بعبارات المحبة والامتنان .
ولا شك أن هذا الحدث سيحيي سنة حميدة كانت موجودة عندنا عبر التاريخ في هذا الوطن ، وهي الإلتفات إلى الأمهات المنجبات لذوي المواهب ، ولصناع الأمجاد والبطولات . وكدليل على وجود هذه السنة تمثيلا لا حصرا حضور الأمهات وكذا الآباء في قاعات المعاهد العليا والجامعات وأبناؤهم وبناتهم يدافعون عن أطروحاتهم العلمية والأدبية أما لجان الامتحانات ، وغالبا ما تشيد تلك اللجان بدور الأمهات والآباء في ما يحققه أبناؤهم وبناتهم من نتائج . ونفس المشهد يكون في المؤسسات التربوية وهي تحتفل بالمتفوقين والمتميزين .
وعلينا في مستقبل الأيام حين نحتفي بالانجازات الوازنة في كل المجالات أن نحرص على استدعاء الأمهات والآباء إلى جانب صناع تلك الانجازات للاحتفاء بهم ، وفي ذلك تشجيع لهم على القيام بواجب الدعم المعنوي الذي يمدون به أولئك الصنّاع والذي لم يجد ما يعبر به عنه ناخبنا الوطني لكرة القدم سوى عبارة : " ديروا النية " أي لتكن لكم ثقة راسخة بذلك الدعم المعنوي .
وأخيرا نقول إن القائل القولة الشهيرة : "وراء كل عظيم امرأة " قد أصاب كبد الحقيقة ، وما تلك المرأة سوى الأم التي تمد الوطن بما لا يقدر بثمن . اللهم جازي الأمهات والآباء عنا خير الجزاء ، واجعلهم لنا شفعاء عندك يوم الموقف العصيب .
وسوم: العدد 1011