افتحوا أبواب الجامعات أمام البنات في أفغانستان
حول تجديد حركة طالبان حظر التعليم الجامعي على البنات
كنت أود أن أكتب باسم التنظيم العام لجماعة الإخوان المسلمين.. أو أكتب باسم جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها الدكتور مصطفى السباعي، وأسسن بعدها بسنوات كلية الشريعة التي ما تزال مفتوحة منذ سبعة عقود للبنين والبنات...
كنت أود أن أكتب باسم هؤلاء إلى كل أهلنا في أفغانستان، وليس فقط إلى حركة طالبان: طلب العلم فريضة على كل مسلم..
وأن واجب المتولي في الإسلام والدا أو مشرفا أو واليا أن ييسر طرق العلم النافع المفيد للناس كل الناس، وللمسلمين كل المسلمين من بنين وبنات..
وأنّ نص الحديث على أن "طلب العلم فريضة على كل مسلم،" يتضمن كما هي قواعد الخطاب الشرعي المسلمات أيضا. وأن قوله صلوا وصوموا يشمل الرجال والنساء إلا ما قيّد..
وأقدمت حركة طالبان في خطوة ارتدادية أمس الثلاثاء على العودة إلى حظر التعليم الجامعي على البنات. وقال معلن الحظر، حتى إشعار آخر. وهذا إن دل فإنما يدل على أن صراعا في بنية الحركة يدور بين فريقين من أهل محو الذات وإثبات الذات، كما سماهم صاحب ديوان "أسرار خودي ورموز بخودي"
إن ما تتردد فيه "حركة طالبان"، أو ما تتلجلج فيه في أمر تعليم البنات في شتى مراحل التعليم.، أمر قد حسمه جمهور علماء المسلمين في شتى أقطار الإسلام، وأقره سوادهم في بلاد الحرمين وفي مصر والشام والعراق والهند والباكستان واندونيسيا وماليزيا وحيثما ارتفعت في دار للمسلمين كلمة الله أكبر ..
ولقد رأى المسلمون في شتى أقطار الإسلام أن تعليم البنات في المدارس وفي الجامعات، في مناخ منضبط نظيف أمرا حسنا مفيدا نافعا ثبتت وجوه مصلحته فلا يمكن لمسلم عاقل أن يتحجر على حظره، لمفاسد متوهمة أو مبالغ فيها.. "وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن" أثر ماض في تحسين كل المصالح المرسلة من الأعراف.
وما أقدمت عليه احكومة حركة طالبان بالأمس من العودة إلى حظر التعليم الجامعي على الفتيات، لأمر ينكره الشرع الأسلامي، والعقل الجمعي لعموم أهل الإسلام، كما ينكره العصر الذي يعيشه المسلمون، وتنكره أيضا مصالح هذا الجيل من المسلمات اللواتي ينتظرن أن تكون لهن المعلمة المسلمة، والطبيبة المسلمة، والممرضة المسلمة،...
ولقد كانت النساء يحضرن مجالس التعليم في مسجد واحد مع الرجال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم..
ثم إنهن حين طلبن من رسول الله مجلسا ذا خصوصية فأعطاهن إياه وخصص لهن يوما يجلس إليهن فيه.
إن اعتقاد بعض أصحاب القرار في أفغانستان أن التعليم المدرسي بكل حلقاته، بدعة منكرة أو مستنكرة ،لأمر لا يليق بشريعة الإسلام، ولا بفقه مدرسة أبي حنيفة النعمان..
وأنه قد آن الأوان أن تخلع حركة طالبان مع شعاراتها الإسلاميةعن نفسها عباءات الماضوية، وأن تعلم أن سياسة الانغلاق أكثر ما تضر بالجيل الأفغاني من بنين وبنات. وأنه قد كان شعار حضارة الإسلام أن الحكمة هي ضالتنا أنى وجدناها فنحن أحق بها.
وإذا كانت الشعوب العربية والمسلمة قد استقبلت بالتأييد مشروع الاستقلال الوطني الذي قادته حركة طالبان بجرأة واقتدار وصبر ومصابرة، فإن هذا لا يعني أن هذه الشعوب تنظر بعين الرضا والتأييد نفسها لهذه الخطوات الانكفائية بكل ما فيها من ضرر وضرار...
ليس المهم أن يكون التعليم في المسجد أو في المدرسة أو في الجامعة وإنما المهم، أن يكون نظام التعليم مما يساعد على الصون، ومنهج التعليم مما يهدي إلى الرشد.
من واجب علينا أن نؤكد حق البنين والبنات في أفغانستان في عملية تربوية شاملة قاصدة مفيدة، تعين الجيل المسلم هناك على خوض غمار الحياة بجرأة واقتدار..
ومن حق أن نستنكر ونشجب كل محاولات مصادرة هذا الحق على بنات أفغانستان مهما تكن المعاذير والتعلات..
وإنما أحببت أن أذكر أن على الذين رفعوا أيديهم بالتأييد عندما اقتضى الأمر التأييد، وقد كنت واحدا منهم؛ أن يقبضوا أيديهم في موطن تغلق فيه على بناتنا في أفغانستان منافذ النور والعلم والمعرفة بل منافذ الحياة...
كنا وما زلنا ندين ونستنكر فعل الظلامية العلمانية في بعض بلدان العالم حين تمنع المسلمات المحجبات من ارتياد الجامعات، وأنموذجه في باريس التي كانوا يسمونها عاصمة الأنوار؛ إلا أننا لا نقبل أن يقال إن ظلامية منسوبة زورا وبهتانا إلى الإسلام تمنع البنات من حق التعليم وأين في بلد جلال الدين البلخي في أفغانستان.
الإسلام ودعوته ومنهجه نور...
افتحوا أبواب الجامعات أمام بنات أفغانستان..
وندعو القادرين من المسلمين أن يمولوا - لإسقاط الذرائع - مشروعا جامعيا لتعليم البنات في أفغانستان. كلفته أقل بكثير مما تعلمون!!
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ)
وسوم: العدد 1011