عندما تتكلم الأرقام، ويكون لها دلالات
عندما تتكلم الأرقام، ويكون لها دلالات
بدر الدين حسن قربي /سوريا
أظهر التقرير السنوي، الذي أصدرته في 3 كانون الأول/ديسمبر 2013 منظمة الشفافية الدولية وهي منظمة غير حكومية، بأن سوريا والعراق وليبيا والسودان والصومال ضمن قائمة الدول العشر الأكثر فساداً في العالم وفقاً لمؤشرات الفساد والمعايير المعتمدة في الدول التي تتم فيها الدراسة. ومن ثمّ فقد حلت تلك الدول على التوالي في المراتب 168 و171 و172 و174 و175 من أصل 177 دولة شملتها دراسة المؤشر.
كما أظهر التقرير عربياً، بأن الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين وسلطنة عمان والسعودية هي أقل الدول العربية فساداً باحتلالها المراتب 26 و28 و57 و61 و63 على التوالي، وجاءت الكويت بالمرتبة 69، وتونس في المرتبة 77، ومصر في المرتبة 114 واليمن في المرتبة 167.
وأمّا عالمياً، فقد أظهر التقرير، أن الدانمارك ونيوزيلندا جاءتا في المركزين الأول والثاني في قائمة المؤشر، في حين تشاركت فنلندا والسويد في المركز الثالث، وحلّت النرويج في المركز الخامس، وجاءت كل من ألمانيا في المركز الثاني عشر، واليابان في المركز الثامن عشر، والولايات المتحدة في المركز التاسع عشر، أمّا الصين ففي المركز الثمانين.
وبسبب اهتمامي بالشأن السوري، فإني أستعرض منطوقات بيانات منظمة الشفافية في سنواتها العشر الأخيرة لملاحظة التعمق في الفساد والإفساد والتغييرات فيه من خلال مرتبته مقارنةً مع عدد الدول المشمولة بالدراسة.
سنة الدراسة
2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013
درجة الفساد
71 67 93 138 147 126 127 126 144 168
عدد الدول في التقرير
146 163 163 179 180 180 180 180 174 174
مايلفتنا أن عصابة النظام السوري وشبّيحته يرون خيراً وبركة في منطوق البيان الأخير، الذي أظهر بأرقامه سوريا ولا فخر ضمن قائمة الدول العشر الأكثر فساداً في العالم لعام 2013 خصوصاً مع أجواء المؤامرة على المقاومة والممانعة بزعمهم. وهي رؤية لاتعجب المعارضين ولاترضيهم، لأنهم بسبب كراهيتهم للأسد وعصابته وحقدهم عليهم حسب قناعة الأخِيرين، لايرون نصاعة الحقيقة بل ويغمضون أعينهم عن أن المقاومين والممانعين هم الأقل درجة في الفساد بين هذه الدول العشرة. في حين يردّ المعارضون بقناعة مؤدّاها: أن أقل العاطلين عطلاً بين عاطلين، وأقل الفاسدين فساداً بين فاسدين، لاينفي عنه سوء العطل وقبح الفساد، فتقارير منظمة الشفافية السنوية وبياناتها تتحدث عمّا تم كشفه من الفساد وليس حجم الفساد الحقيقي. ومن ثمّ فإن أرقامها تؤكد زيادةً كبيرة في معدلات الفساد، وطفحاناً في السرقة والنهب في عموم وطن بات للفساد فيه إمبراطوريات، وغدا له أباطرة وعتاولة متمترسين في كل منشآت الوطن وحاراته وزواريبه، فأوصلوه إلى مرتبة من الفساد مذهلة لم يبق عليهم فيها إلا أن يشدّو حيلهم قليلاً، ويسجلون المرتبة الأولى عالمياً.
على كل حال، وأياً كانت البيانات والأرقام، فقد أدرك عموم السوريين عِظَمَ الفساد الذي لحق بالبلد في عهد دجالي الصمود والمقاومة، وحجم القهر والقمع والفاشية التي مورست على جماهيرهم الفقيرة والمصخومة بما كانوا يواجهونه كل ساعة وكل يوم من جلاديهم وسارقي لقمة عيشهم، وبما لا حاجة لهم معه لا إلى أرقام منظمة الشفافية ومؤشرات الفساد ولا بياناتها، فانطلقت ثورتهم المباركة وقد انفجر بركانها منذ ثلاثة وثلاثين شهراً ماضيةً بأقدار الله إلى أهدافها في التخلص من لصوص الوطن ومصاصي دماء فقرائه ومعتّريه، وقامعيه وسفّاكيه وجزّاريه، ومخرّبيه ومدمّريه وحارقيه.